عليه السلام فلما صرت في داره فقدت جميع ما كنت فيه من النعيم وكانت علينا قيمة تنبهنا من الليل وتأخذنا بالصلاة وكان ذلك من أشد شئ علينا فكنت أتمنى الخروج من داره إلى أن وهبني لجدك عبد الله بن العباس فلما صرت إلى منزله كنت كأني قد أدخلت الجنة، قال الصولي: وما رأيت امرأة قط أتم من جدتي هذه عقلا ولا أسخى كفا وتوفت سنة سبعين ومأتين ولها نحو مأة سنة وكانت تسأل عن أمر الرضا عليه السلام كثيرا فتقول: ما أذكر منه شيئا إلا أني كنت أراه يتبخر بالعود الهندي السني ويستعمل بعده ماء ورد ومسكا وكان عليه السلام إذا صلى الغداة وكان يصليها في أول وقت يسجد فلا يرفع رأسه إلى أن ترتفع الشمس ثم يقوم فيجلس للناس أو يركب ولم يكن أحد يقدر أن يرفع صوته في داره ما كان إنما يتكلم الناس قليلا قليلا وكان جدي عبد الله يتبرك بجدتي هذه فدبرها يوم وهبت له، فدخل عليه خاله العباس بن الأخنف الحنفي الشاعر فأعجبته، فقال لجدي: هب لي هذه الجارية قال: هي مدبرة فقال العباس بن الأخنف:
أيا غدر زين باسمك الغدر * وأساء لا يحسن بك الدهر 4 - حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو ذكوان قال: سمعت إبراهيم بن العباس:
يقول رأيت الرضا عليه السلام يسأل عن شئ قط إلا علم، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان الأول إلى وقته وعصره والمأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شئ فيجيب فيه، وكان كلامه كله وجوابه وتمثله انتزاعات من القرآن وكان يختمه في كل ثلاثة ويقول: لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة تختمت ولكني ما مررت بآية قط إلا فكرت فيها وفي أي شئ أنزلت وفي أي وقت؟ فلذلك صرت أختم في كل ثلاثة أيام.
ومن كلامه عليه السلام المشهور قوله: الصغائر من الذنوب طرق إلى الكبائر ومن لم يخف الله في القليل لم تخفه في الكثير ولو لم يخوف الله الناس بجنة ونار لكان الواجب أن يطيعوه ولا يعصوه لتفضله عليهم وإحسانه إليهم وما بدءهم به من أنعامه الذي أستحقوه