أنه لا يكف عنه، فخرج عليه السلام ولأبي جعفر عليه السلام سبع سنين، فكتب إليه المأمون: لا تأخذ على طريق الجبل وقم، وخذ على طريق البصرة والأهواز وفارس، حتى وافى مرو، فعرض عليه المأمون أن يتقلد الامر والخلافة، فأبى أبو الحسن عليه السلام، قال:
فولاية العهد؟ فقال: على شروط أسألكها، قال المأمون له: سل ما شئت، فكتب الرضا عليه السلام: أني داخل في ولاية العهد؟ على أن لا آمر ولا أنهى ولا أفتي ولا أقضي ولا أولي ولا أعزل ولا أغير شيئا مما هو قائم وتعفيني من ذلك كله، فأجابه المأمون إلى ذلك كله، قال: فحدثني ياسر قال: فلما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا عليه السلام يسأله أن يركب ويحضر العيد ويصلي ويخطب، فبعث إليه الرضا عليه السلام قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول هذا الامر، فبعث إليه المأمون إنما أريد بذلك أن تطمئن قلوب الناس ويعرفوا فضلك، فلم يزل عليه السلام يراده الكلام في ذلك فألح عليه، فقال: يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، فقال المأمون:
اخرج كيف شئت وأمر المأمون القواد والناس أن يبكروا (1) إلى باب أبي الحسن.
قال: فحدثني ياسر الخادم أنه قعد الناس لأبي الحسن عليه السلام في الطرقات و السطوح، الرجال والنساء والصبيان، واجتمع القواد والجند على باب أبي الحسن عليه السلام فلما طلعت الشمس قام عليه السلام فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن، ألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه وتشمر، ثم قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت ثم أخذ بيده عكازا (2) ثم خرج ونحن بين يديه وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمرة، فلما مشى ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات، فخيل إلينا أن السماء والحيطان تجاوبه، والقواد والناس على الباب قد تهيؤوا ولبسوا السلاح وتزينوا بأحسن الزينة، فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة وطلع الرضا عليه السلام وقف على الباب وقفة، ثم قال: " الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر [الله أكبر] على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على