مدينة محمد صلى الله عليه وآله التي يقال لها: طيبة وقد كان اسمها في الجاهلية يثرب، ثم اعمد إلى موضع منها يقال له: البقيع، ثم سل عن دار يقال لها: دار مروان، فانزلها وأقم ثلاثا ثم سل [عن] الشيخ الأسود الذي يكون على بابها يعمل البواري وهي في بلادهم، اسمها الخصف، فالطف بالشيخ وقل له: بعثني إليك نزيلك الذي كان ينزل في الزاوية في البيت الذي فيه الخشيبات الأربع، ثم سله عن فلان بن فلان الفلاني وسله أين ناديه وسله أي ساعة يمر فيها فليريكاه (1) أو يصفه لك، فتعرفه بالصفة وسأصفه لك، قلت:
فإذا لقيته فاصنع ماذا؟ قال: سله عما كان وعما هو كائن وسله عن معالم دين من مضى ومن بقي، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: قد نصحك صاحبك الذي لقيت، فقال الراهب ما اسمه جعلت فداك؟ قال: هو متمم بن فيروز وهو من أبناء الفرس وهو ممن آمن بالله وحده لا شريك له وعبده بالاخلاص والايقان وفر من قومه لما خافهم، فوهب له ربه حكما وهداه لسبيل الرشاد وجعله من المتقين وعرف بينه وبين عباده المخلصين وما من سنة إلا وهو يزور فيها مكة حاجا ويعتمر في رأس كل شهر مرة ويجيئ من موضعه من الهند إلى مكة، فضلا من الله وعونا وكذلك يجزي الله الشاكرين، ثم سأله الراهب عن مسائل كثيرة، كل ذلك يجيبه فيها وسأل الراهب عن أشياء، لم يكن عند الراهب فيها شئ، فأخبره بها، ثم إن الراهب قال: أخبرني عن ثمانية أحرف نزلت فتبين في الأرض منها أربعة وبقي في الهواء منها أربعة، على من نزلت تلك الأربعة التي في الهواء ومن يفسرها؟ قال: ذاك (2) قائمنا، ينزله الله عليه فيفسره وينزل عليه ما لم ينزل على الصديقين والرسل والمهتدين، ثم قال الراهب، فأخبرني عن الاثنين من تلك الأربعة الأحرف التي في الأرض ما هي؟ قال: أخبرك بالأربعة كلها، أما أولهن فلا إله إلا الله وحده لا شريك له باقيا، والثانية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله مخلصا، والثالثة نحن أهل البيت، والرابعة شيعتنا منا ونحن من رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله من الله بسبب، فقال له الراهب، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن ما جاء به من عند الله حق وأنكم صفوة الله من خلقه وأن شيعتكم المطهرون المستبدلون (3)