الألباب وجعل محمدا بركة ورحمة وجعل عليا عليه السلام عبرة وبصيرة وجعل الأوصياء من نسله ونسل محمد ما أدري، ولو دريت ما احتجت فيه إلى كلامك ولا جئتك ولا سألتك، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: عد إلى حديث الهندي، فقال له الراهب: سمعت بهذه الأسماء ولا أدري ما بطانتها ولا شرايحها ولا أدري ما هي ولا كيف هي ولا بدعائها، فانطلقت حتى قدمت سبذان الهند، فسألت عن الرجل، فقيل لي: إنه بنى ديرا في جبل فصار لا يخرج ولا يرى إلا في كل سنة مرتين وزعمت الهند أن الله فجر له عينا في ديره وزعمت الهند انه يزرع له من غير زرع يلقيه ويحرث له من غير حرث يعمله، فانتهيت إلى بابه فأقمت ثلاثا، لا أدق الباب ولا أعالج الباب، فلما كان اليوم الرابع فتح الله الباب وجاءت بقرة عليها حطب تجر ضرعها، يكاد يخرج ما في ضرعها من اللبن فدفعت الباب فانفتح فتبعتها ودخلت، فوجدت الرجل قائما ينظر إلى السماء فيبكي وينظر إلى الأرض فيبكي وينظر إلى الجبال فيبكي، فقلت: سبحان الله ما أقل ضربك في دهرنا هذا، فقال لي: والله ما أنا إلا حسنة من حسنات رجل خلفته وراء ظهرك، فقلت له: أخبرت أن عندك اسما من أسماء الله تبلغ به في كل يوم وليلة بيت المقدس وترجع إلى بيتك، فقال لي: وهل تعرف بيت المقدس؟ قلت: لا أعرف إلا بيت المقدس الذي بالشام؟ قال: ليس بيت المقدس ولكنه البيت المقدس وهو بيت آل محمد صلى الله عليه وآله، فقلت له: أما ما سمعت به إلى يومي هذا فهو بيت المقدس، فقال لي:
تلك محاريب الأنبياء، وإنما كان يقال لها: حظيرة المحاريب، حتى جاءت الفترة التي كانت بين محمد وعيسى صلى الله عليهما وقرب البلاء من أهل الشرك وحلت النقمات في دور الشياطين فحولوا وبدلوا ونقلوا تلك الأسماء وهو قول الله تبارك وتعالى - البطن لآل محمد والظهر مثل -: " إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان " فقلت له: إني قد ضربت إليك من بلد بعيد، تعرضت إليك بحارا وغموما وهموما وخوفا وأصبحت وأمسيت مؤيسا إلا أكون ظفرت بحاجتي، فقال لي: ما أرى أمك حملت بك إلا وقد حضرها ملك كريم ولا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع بأمك إلا وقد اغتسل وجاء ها على طهر ولا أزعم إلا أنه قد كان درس السفر الرابع من سحره ذلك، فختم له بخير، ارجع من حيث جئت، فانطلق حتى تنزل