قال: أما تقرء قوله تعالى: " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار "؟ قلت: بلى، قال: فتعرفون الابصار؟ قلت: بلى، قال: ما هي؟ قلت: أبصار العيون، فقال إن أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون فهو لا تدركه الأوهام وهو يدرك الأوهام.
11 - محمد بن أبي عبد الله، عمن ذكره، عن محمد بن عيسى، عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار؟ فقال: يا أبا هاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها، ولا تدركها ببصرك وأوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون؟!
12 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن هشام بن الحكم (1) قال: الأشياء [كلها] لا تدرك إلا بأمرين: بالحواس والقلب، والحواس إدراكها على ثلاثة معان: إدراكا بالمداخلة وإدراكا بالمماسة وإدراكا بلا مداخلة ولا مماسة، فأما الادراك الذي بالمداخلة فالأصوات والمشام والطعوم وأما الادراك بالمماسة فمعرفة الاشكال من التربيع والتثليث ومعرفة اللين والخشن والحر والبرد، وأما الادراك بلا مماسة ولا مداخلة فالبصر فإنه يدرك الأشياء بلا مماسة ولا مداخلة في حيز غيره ولا في حيزه، وإدراك البصر له سبيل وسبب، فسبيله الهواء وسببه الضياء فإذا كان السبيل متصلا بينه وبين المرئي والسبب قائم أدرك ما يلاقي من الألوان والاشخاص فإذا حمل البصر على ما لا سبيل له فيه رجع راجعا فحكى ما وراءه كالناظر في المرآة لا ينفذ بصره في المرآة فإذا لم يكن له سبيل رجع راجعا يحكي ما وراء ه وكذلك الناظر في الماء الصافي يرجع راجعا فيحكي ما ورائه إذ لا سبيل له في إنفاذ بصره، فأما القلب فإنما سلطانه على الهواء فهو يدرك جميع ما في الهواء ويتوهمه، فإذا حمل القلب على ما ليس في الهواء موجودا رجع راجعا فحكى ما في الهواء، فلا ينبغي للعاقل