الشجرة المباركة، فكانت عند ذلك جملة لا تنكر من الاسفار القيمة، هي كالخزائن في بطونها تكتنز النفائس.
فبالرغم من سني الجدب العجاف التي اهتزت لها الأمة الاسلامية من أقصاها إلى أدناها، وما تبع ذلك من وهن أصاب جسدها، وشروخ بانت بادية على جبينها، وما تبعها من فرقة وتناحر، وتشتت في الآراء والمعتقدات، كان للمتسربلين بالثوب الاسلامي، ولذوي الأهواء والنزوات المريضة الفعل الكبير والأثر الأكبر في ما طفح على الجسد الطاهر من قروح هي غريبة عنه، كالوشمة السوداء في الثوب الأبيض، نقول بالرغم من كل ذلك، فقد كانت الشيعة الإمامية ولا زالت تؤمن بأن نجاة الأمة، وسبيل جمع شتاتها، وشفاء عللها لا يكون الا بالعودة إلى المنهل الصافي، والمرفأ الأمين، والواحة الخضراء، والسبيل القويم الذي هو بنص رسول الله (صلى الله عليه وآله) عدل القران وسبيل النجاة، والسفينة التي نجا من ركبها، وكان الغرق والهلاك نصيب من تخلف عنها.
بلى: أو ما سمعت قول العبد الصالح نوح (عليه السلام) لابنه حيث اعرض عن نصحه بالركوب معهم قائلا: ﴿سآوي إلى جبل يعصمني من الماء﴾ (١).
فقال نوح: ﴿لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين﴾ (2).
فأنى لمن فطره الله تعالى على نور الحق وتنسم سبل النجاة من الهلكى ان يعرض صفحا عن ذي الحجج البينة والشواخص المعلمة، بل وانى لمن آمن بالرسول وبما جاء به من ربه ان يدير عارضيه امام الصرح المتشامخ بكلمة الهداية التي لا تخفى عن البصر الكليل، وهي كقوله تعالى: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا