كذا من العقبة مع طلوع الشمس. فغدوا يطلبون تكذيبه للوقت الذي وقته لهم، فلما كانوا هناك طلعت الشمس فقال بعضهم: كذب الساحر، وابصر آخرون بالعير قد أقبلت يقدمها الاورق فقالوا: صدق، هذه نعم قد أقبلت (1).
ومن ذلك: أنه أقبل من تبوك فجهدوا عطشا، وبادر الناس إليه يقولون:
الماء الماء، يا رسول الله. فقال لأبي هريرة: هل معك من الماء شئ؟
قال: كقدر قدح في ميضاتي، قال: هلم ميضاتك فصب ما فيه في قدح ودعا واوعاه وقال: ناد: من أراد الماء فأقبلوا يقولون: الماء يا رسول الله. فما زال يسكب وأبو هريرة يسقي حتى روي القوم أجمعون، وملؤوا ما معهم، ثم قال لأبي هريرة: اشرب. فقال: بل آخركم شربا فشرب رسول الله صلى الله عليه وآله، وشرب (2).
ومن ذلك: أن أخت عبد الله بن رواحة الأنصاري مرت به أيام حفرهم الخندق، فقال لها: إلى أين تريدين؟ قالت: إلى عبد الله بهذه التمرات، فقال:
هاتيهن. فنثرت في كفه، ثم دعا بالأنطاع وفرقها عليها وغطاها بالأزر، وقام وصلى، ففاض التمر على الأنطاع، ثم نادى: هلموا وكلوا. فأكلوا وشبعوا وحملوا معهم ودفع ما بقي إليها (3).
ومن ذلك: أنه كان في سفر فأجهدوا جوعا، فقال: من كان معه زاد فليأتنا به. فأتاه نفر منهم بمقدار صاع، فدعا بالأزر والأنطاع، ثم صفف التمر عليها، ودعا ربه، فأكثر الله ذلك التمر حتى كان أزوادهم إلى المدينة (4).