ورزقك وسواك، وليكن له تعبدك وإليه رغبتك ومنه شفقتك (1) واعلم يا بني أن أحدا لم ينبئ عن الله كما أنبأ عنه الرسول صلى الله عليه وآله، فارض به رائدا (2)، وإلى النجاة قائدا، فإني لم آلك نصيحة (3). وإنك لم تبلغ في النظر لنفسك وإن اجتهدت مبلغ نظري لك واعلم يا بني أنه لو كان لربك
شريك لأتتك رسله، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه،
ولعرفت أفعاله وصفاته، ولكنه إله واحد كما وصف نفسه. لا يضاده في ملكه أحد، ولا يزول أبدا. ولم يزل أول قبل الأشياء بلا أولية (4)، وآخر بعد الأشياء بلا نهاية. عظم عن أن تثبت ربوبيته بإحاطة قلب أو بصر. فإذا
عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثلك أن يفعله في صغر خطره (5)، وقلة مقدرته، وكثرة عجزه، وعظيم حاجته إلى ربه في طلب طاعتك، والرهبة من عقوبته، والشفقة من سخطه. فإنه لم يأمرك إلا بحسن ولم ينهك إلا عن قبيح
____________________
(1) شفقتك أي خوفك (2) الرائد من ترسله في طلب الكلأ ليتعرف موقعه. والرسول قد عرف عن الله وأخبرنا فهو رائد سعادتنا (3) لم أقصر في نصيحتك (4) فهو أول بالنسبة إلى الأشياء لكونه قبلها إلا أنه لا أولية أي لا ابتداء له (5) خطره أي قدره