نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٣ - الصفحة ٤٩
وللموت لا للحياة، وأنك في منزل قلعة (1) ودار بلغة، وطريق إلى الآخرة، وأنك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه، ولا بد أنه مدركه، فكن منه على حذر أن يدركك وأنت على حال سيئة قد كنت تحدث نفسك منها بالتوبة فيحول بينك وبين ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك يا بني أكثر من ذكر الموت وذكر ما تهجم عليه وتفضي بعد الموت إليه حتى يأتيك وقد أخذت منه حذرك (2)، وشددت له أزرك، ولا يأتيك بغتة فيبهرك (3). وإياك أن تغتر بما ترى من إخلاد أهل الدنيا إليها (4)، وتكالبهم عليها، فقد نبأك الله عنها، ونعت لك نفسها (5)، وتكشفت لك عن مساويها، فإنما أهلها كلاب عاوية، وسباع ضارية، يهر ببعضها بعضا (6)، ويأكل عزيزها ذليلها، ويقهر
____________________
(1) قلعة بضم القاف وسكون اللام، وبضمتين، وبضم ففتح، يقال منزل قلعة أي لا يملك لنازله، أو لا يدري متى ينتقل عنه. والبلغة: الكفاية أي دار تؤخذ منها الكفاية للآخرة (2) الحذر بالكسر الاحتراز والاحتراس. والأزر بالفتح: القوة (3) بهر كمنع:
غلب، أي يغلبك على أمرك (4) إخلاد أهل الدنيا: سكونهم إليها. والتكالب: التواثب (5) نعاه: أخبر بموته. والدنيا تخبر بحالها عن فنائها (6) ضارية: مولعة بالافتراس. يهر بكسر الهاء وضمها: أي يمقت ويكره بعضها بعضا
(٤٩)
مفاتيح البحث: التوبة (1)، الهلاك (1)، الموت (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست