44 - (ومن كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه) وقد
عرفت أن معاوية كتب إليك يستزل لبك ويستفل غربك (1)، فاحذره فإنما هو الشيطان يأتي المؤمن من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ليقتحم غفلته (2) ويستلب غرته وقد كان من أبي سفيان في زمن عمر فلتة من حديث النفس (3) ونزغة من نزغات الشيطان لا يثبت بها نسب ولا يستحق بها إرث، والمتعلق بها كالواغل المدفع والنوط المذبذب (فلما قرأ زياد الكتاب قال
شهد بها ورب الكعبة، ولم يزل في نفسه حتى ادعاه معاوية) قوله عليه السلام: الواغل، هو الذي يهجم على الشرب ليشرب معهم وليس منهم فلا يزال مدفعا محاجزا. والنوط المذبذب هو ما يناط برحل الراكب من قعب أو قدح أو ما أشبه ذلك، فهو أبدا يتقلقل إذا حث ظهره واستعجل سيره)
____________________
(1) يستزل أي يطلب به الزلل وهو الخطأ. واللب: القلب. ويستفل بالفاء أي يطلب فل غر بك أي ثلم حدك (2) يدخل غفلته بغتة فيأخذه فيها. وتشبيه الغفلة بالبيت يسكن فيه الغافل من أحسن أنواع التشبيه. والغرة بالكسر: خلو العقل عن مضارب الحيل، والمراد منها العقل الغر، أي يسلب العقل الساذج (3) فلتة أبي سفيان