وهربوا إلى الله من موازرتك (1) إذ حملتهم على الصعب وعدلت بهم عن القصد. فاتق الله يا معاوية في نفسك وجاذب الشيطان قيادك (2)، فإن الدنيا منقطعة عنك والآخرة قريبة منك. والسلام 33 - (ومن كتاب له عليه السلام إلى
قثم بن العباس وهو عامله على
مكة) أما بعد فإن عيني بالمغرب (3) كتب إلي يعلمني أنه وجه على الموسم أناس من أهل
الشام (4) العمي القلوب، الصم الاسماع، الكمه الأبصار (5)، الذين يلتمسون الحق
بالباطل، ويطيعون المخلوق في معصية الخالق، ويحتلبون الدنيا درها بالدين (6)، ويشترون عاجلها بآجل الأبرار والمتقين. ولن يفوز بالخير إلا عامله، ولا يجزى جزاء الشر إلا فاعله. فأقم على ما في يديك قيام الحازم الصليب (7) والناصح اللبيب، والتابع لسلطانه المطيع لإمامه. وإياك وما يعتذر منه (8).
ولا تكن عند النعماء بطرا (9) ولا عند البأساء فشلا. والسلام
____________________
(1) الموازرة: المعاضدة (2) القياد ما تقاد به الدابة، أي إذا جذبك الشيطان بهواك فجاذبه أي امنع نفسك من متابعته (3) عيني أي رقيبي في البلاد الغربية (4) وجه مبني للمجهول أي وجههم معاوية. والموسم: الحج (5) الكمه: جمع أكمه وهو من ولد أعمى (6) يحتلبون الدنيا: يستخلصون خيرها. والدر بالفتح: اللبن، ويجعلون الدين وسيلة لما ينالون من حطامها (7) الصليب: الشديد (8) احذر أن تفعل شيئا يحتاج إلى الاعتذار منه (9) البطر: شدة الفرح مع ثقة بدوام النعمة. والبأساء: الشدة، كما أن النعماء