حسنتك عشرا، وفتح لك باب المتاب. فإذا ناديته سمع نداءك، وإذا ناجيته علم نجواك (1) فأفضيت إليه بحاجتك (2)، وأبثثته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك، واستكشفته كروبك (3)، واستعنته على أمورك، وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطاء غيره من زيادة الاعمار وصحة الأبدان وسعة الأرزاق. ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته واستمطرت شآبيب رحمته (4). فلا يقنطنك إبطاء إجابته (5) فإن العطية على قدر النية. وربما أخرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل وأجزل لعطاء الآمل. وربما سألت الشئ فلا تؤتاه وأوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا، أو صرف عنك لما هو خير لك. فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته. فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله وينفى عنك وباله. فالمال لا يبقى لك ولا تبقى له واعلم أنك إنما خلقت للآخرة لا للدنيا، وللفناء لا للبقاء،
____________________
(1) المناجاة: المكالمة سرا. والله يعلم السر كما يعلم العلن (2) أفضيت: ألقيت.
وأبثثته: كاشفته. وذات النفس: حالتها (3) طلبت كشفها (4) الشؤبوب بالضم:
الدفعة من المطر، وما أشبه رحمة الله بالمطر ينزل على الأرض الموات فيحييها، وما أشبه نوباتها بدفعات المطر (5) القنوط: اليأس