مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣١
العرب والعجم بفتح أحدهما وبضم الآخر والأفصح أن يفتحا معا أو يضما معا. والمبعوث المرسل، وسائر الأمم جميعهم. قال في الصحاح: سائر الناس جميعهم وأنكره الحريري وقال:
السائر الباقي. ورد عليه بأنه سمع أيضا في الجميع. ويصح أن يكون السائر في كلام المصنف بمعنى الباقي أي بقية. والأمم جمع أمة. بضم الهمزة. يطلق على ثمانية معان: على الجماعة حتى من غير الناطق كقوله تعالى: (أمة من الناس) (القصص: 23)، وقوله تعالى: (إلا أمم أمثالكم) (الأنعام: 38) وعلى أتباع الرسل كما يقول نحن من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى الرجل الجامع للخير كقوله: (إن إبراهيم كان أمة) (النحل: 120) وعلى الدين والملة كقوله:
(إنا وجدنا آباءنا على أمة) (الزخرف: 22) وعلى الحين والزمان كقوله (إلى أمة معدودة) (هود: 8) وقوله: واذكر بعد أمد) (يوسف: 45)، وعلى القامة يقال: فلان حسن الأمة أي القامة، وعلى الرجل المنفرد بدينه كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((يبعث زيد بن عمرو بن نفيل أمد)، وعلى الأم يقال: هذه أمة زيد أي أمه. قال الآبي: وإذا أضيفت الأمة للنبي فتارة يراد بها أتباعه كحديث (شفاعتي لأمتي) (2) وتارة يراد بها عموم أهل دعوته كحديث (لا يمسع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار) (2) رواه مسلم. والظاهر أن الأمم في قول المصنف لسائر الأمم بمعنى الجماعة، وفي قوله: وأمته أفضل الأمم بمعنى الا تباع فسقط ما قيل: إن في كلامه توافق الفاصلتين في اللفظ والمعنى وهو معيب في السجع كالإيطاء في النظم وهو تكرار القافية، بل في كلامه من المحسنات البديعية:
الجناس التام. ويصح أن يراد بالأمة في الثاني الدين على حذف مضاف أي أهل دينه أفضل الأديان وفيه تكلف. وإلا مه. بكسر الهمزة. النعمة وتطلق على الدين والطريقة ولا خلاف في عموم بعثته صلى الله عليه وآله وسلم إلى جميع الإنس والجن لقوله تعالى (ليكون للعالمين نذيرا) (الفرقان: 1) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " بعثت إلى الأحمر والأسود " (3). وقيل: الإنس والجن، وقيل: العرب والعجم.
واختلق في بعثته إلى الملائكة والأكثر على عدم بعثته إليهم صرح بذلك الحليمي والبيهقي في الباب الرابع من شعب الإيمان بل حكى الإمام الرازي والبرهان النسفي الإجماع على أنه لم يرسل إليهم. وما حكاه الزركشي وتبعه القرافي وغيره عن الإمام الرازي من أنه حكى الإجماع على بعثته إليهم غير معروف عن الرازي، والمعروف عنه ما قدمناه. والقول ببعثته إليهم إنما حكاه السبكي عن بعضهم. قال الكمال بن أبي شريف في حاشية شرح جمع الجوامع قال السبكي:
قال المفسرون كلهم في قوله تعالى: (للعالمين نذيرا) (الفرقان: 1) المراد به الإنس والجن.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست