شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٥٠
وهذا يؤكد ما ذكرناه وحكيناه من رأيه، وأنه كان يذهب إلى قول الأزارقة.
قال: واستخفى من سلم من أهل البصرة في آبار الدور، فكانوا يظهرون ليلا، فيطلبون الكلاب فيذبحونها ويأكلونها، والفار والسنانير. فأفنوها حتى لم يقدروا على شئ منها، فصاروا إذا مات الواحد منهم أكلوه، فكان يراعى بعضهم موت بعض، ومن قدر على صاحبه قتله وأكله، وعدموا مع ذلك الماء، وذكر عن امرأة منهم أنها حضرت امرأة قد احتضرت، وعندها أختها وقد احتوشوها ينتظرون أن تموت فيأكلوا لحمها، قالت المرأة: فما ماتت حسناء حتى ابتدرناها فقطعنا لحمها فأكلناه، ولقد حضرت أختها ونحن على شريعة عيسى بن حرب وهي تبكي ومعها رأس الميت، فقال لها قائل:
ويحك! مالك تبكين! فقالت: اجتمع هؤلاء على أختي فما تركوها تموت حسنا حتى قطعوها، وظلموني فلم يعطوني من لحمها شيئا إلا الرأس، وإذا هي تبكي شاكية من ظلمهم لها في أختها.
قال: وكان مثل هذا وأكثر منه وأضعافه، وبلغ من أمر عسكره أنه ينادى فيه على المرأة من ولد الحسن والحسين والعباس وغيرهم من أشراف قريش، فكانت الجارية تباع منهم بدرهمين وبثلاثة دراهم، وينادى عليها بنسبها: هذه ابنة فلان بن فلان، وأخذ كل زنجي منهم العشرين والثلاثين يطؤهن الزنج ويخدمن النساء الزنجيات كما تخدم الوصائف، ولقد استغاثت إلى صاحب الزنج امرأة من ولد الحسن بن علي عليه السلام، وكانت عند بعض الزنج وسألته، أن يعتقها مما هي فيه، أو ينقلها من عنده إلى غيره، فقال لها:
هو مولاك، وهو أولى بك.
* * * قال أبو جعفر: وأشخص السلطان لحرب صاحب الزنج محمدا المعروف بالمولد، في جيش
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303