قال: شحذته أربعين صباحا وسألت الله أن يقتل به شر خلقه، قال علي (رضي الله عنه): لا أراك إلا مقتولا به، وقال للحسن: النفس بالنفس إن هلكت فاقتلوه ولا تمثلوا، وإن بقيت رأيت فيه رأيي وقبض (رضي الله عنه) ليلة تسعة عشر من رمضان سنة أربعين وخرج به ليلا فدفن بظهر الكوفة خوف أن ينبشه الخوارج، واختلف في سنه فقيل: سبع وخمسون، وقيل: ستون، وقيل: ثلاث وستون وهو الصحيح. وكانت خلافته خمس سنين غير ثلاثة أشهر، وكان علي أوصى الحسن وقال: إن أنا مت فاضربه ضربة كضربة. وأما البكر الصيرفي فقعد لمعاوية في الليلة التي ضرب فيها علي (عليه السلام) فلما خرج ضربه فوقع السيف في أليتيه فأخذ فقال لمعاوية: إن عندي خبرا يسرك فهل ذلك نافعي إن أخبرتك؟
قال: نعم قال: إن لي أخا قتل في هذه الساعة عليا، قال: لعله لم يقدر على ذلك، قال: إن عليا يخرج وليس معه من يحرسه، فأمر به معاوية فقتل، وقيل: إنه حبسه حتى جاءه خبر علي فقطع يده وخلى سبيله وبعث معاوية إلى الطبيب الساعدي فلما نظر إليه قال: اختر إما أن أحمي حديدة وأضعها في موضع السيف، وإما أن أسقيك شربة تقطع منك الولد وتبرء فإن ضربتك مسمومة، قال: أما النار فلا صبر لي عليها، وأما انقطاع الولد ففي يزيد وعبد الله ما تقر به العين، فسقاه تلك الشربة فبرء ولم يولد له، وأما بكر بن عمر فجلس لعمرو بن العاص فلم يخرج عمرو تلك الليلة لأنه كان اشتكى بطنه وأمر خارجة أن يصلي بالناس وكان خارجة على شرط عمرو وقضائه فخرج ليصلي فشد عليه وهو يرى أنه عمرو فضربه فقتله وأخذه الناس فانطلقوا به إلى عمرو فسلموا عليه بالإمامة فقال: من هذا؟ فقالوا: عمرو، قال: فمن قتلت إذا؟ قالوا: خارجة. فقال: أما والله يا فاسق ما أردت غيرك، قال عمرو: أردتني وأراد الله خارجة، وسأله عمرو عن خبره فأخبره أن عليا ومعاوية قتلا في هذه الليلة فقال: قتلا أو لم يقتلا لابد من قتلك فأمر بقتله فبكى فقيل: أجزعا من الموت بعد الإقدام؟ قال: لا والله ولكن أبكي على أن يفوز صاحباي ولا أفوز أنا بقتل عمرو. فضربت عنقه وصلب.
قوله (هذا مما لم يحل تعرضه) في بعض النسخ «مما لم يجز» وفي بعض النسخ «مما لم يحن» بالحاء المهملة والنون من حان بمعنى قرب والمعنى واحد.
قوله (ولكنه خير في تلك الليلة) أي خير فيها بين البقاء واللقاء فاختار اللقاء ليمضي تقدير الله تعالى والوقوع في الهلكة غير جائز إذا لم يكن بأمر الله تعالى ورضائه وإلا فهو جائز بل واجب مثل هذا وفعل الحسين (عليه السلام) وفعلنا في الجهاد مع الاثنين.
* الأصل:
5 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)