داخل الدار وأمرت غيرك يصلي بالناس، فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف (عليه السلام) أن ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف كان هذا مما لم يجز تعرضه، فقال: ذلك كان ولكنه خير في تلك الليلة لتمضي مقادير الله عز وجل.
* الشرح:
قوله (الإوز) الإوز والإوزة بكسر الهمزة وفتح الواو والزاء وشدها: البط.
قوله (لو صليت الليلة) لو للتمني أو للشرط والجزاء محذوف.
قوله (وقد عرف (عليه السلام) ان ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف) قال الآبي في كتاب إكمال الإكمال: ان عليا (رضي الله عنه) لما استأصل الخوارج بالنهروان وفلت منهم اليسير وكان من جملتهم عبد الرحمن بن ملجم المرادي من قبيلة بني حمير من حلفاء المراد، والبكر الصيرفي (1) وبكر بن عمر التميمي فاجتمع الثلاثة بمكة فتذاكروا أمر الناس وعابوا أعمالهم وتراحموا على من قتل من قبل من أصحابهم بالنهروان قالوا: ما نصنع بالبقاء بعد إخواننا فلو قتلنا أئمة الضلالة.
فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم عليا، وقال البكر: أنا أكفيكم معاوية وقال بكر بن عمر: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، وما أفسد أمر الأمة غيره، فتعاهدوا على ذلك عند البيت وتوثقوا على أن لا يرجع أحد من صاحبه حتى يقتله أو يموت دونه وتواعدوا أن يفعلوا ذلك صلاة الصبح في السابع عشر من شهر رمضان فسموا سيوفهم وخرجوا آخر رجب فأتى ابن ملجم الكوفة وبها ناس من الخوارج ممن قتل آباؤهم وإخوانهم يوم النهروان فأخبرهم بما جاء له فاستمكنهم وانتدب إلى قتله معه شبيب بن بجرة ووردان بن مجالد، ولما كانت ليلة الميعاد قعدوا مقابلين لباب السدة التي يخرج منها علي وكان يخرج كل غداة لأول الأذان يوقظ الناس لصلاة الصبح فضربه شبيب فوقع سيفه على عضادة الباب وضربه ابن ملجم على عاتقه وهرب وردان فدخل منزله فدخل عليه رجل من بني أمية فقال له: ما هذا السيف فأخبره بالقصة فخرج الرجل فجاء بسيفه وعلا به وردان حتى قتله ودخل شبيب بين الناس فنجا بنفسه، وقال علي (رضي الله عنه) في ابن ملجم: لا يفوتنكم الرجل، فضرب رجل من همدان رجله وضرب مغيرة بن نوفل بن حارث بن عبد المطلب وجهه بقصبة فصرعه وأتى به الحسن ثم قال علي (رضي الله عنه): علي بالرجل، فأدخل عليه مكتوفا فقال: أي عدو الله ألم أحسن إليك؟ قال: بلى قال: فما حملك على هذا؟