السلم يتوقف على القبول لما علمت من كونه موجبا للفسخ فيهما لا لكونه هبة. قوله: (لكنه يرتد بالرد) استدراك على قوله يتم من غير قبول يعني وإن تم من غير قبول لما فيه من معنى الاسقاط لكنه يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك ح.
قال في الأشباه: الابراء يرتد بالرد إلا في مسائل. الأولى: إذا أبرأ المحتال المحال عليه فرده لا يرتد. وكذا إذا قال المديون أبرئني فأبرأه. وكذا إذا أبرأ الطالب الكفيل، وقيل يرتد: الرابعة: إذا قبله ثم رده لم يرتد ا ه.
وفي البحر: أطلق الهبة فانصرفت إلى الأعيان فلا رجوع في هبة الدين للمديون بعد القبول بخلافه قبله لكونها إسقاطا ا ه. قوله: (لما فيه من معنى الاسقاط) تعليل للتعميم: يعني وإنما صح الرد في غير المجلس لما فيه من معنى الاسقاط، إذ التمليك المحض ض يتقيد رده بالمجلس، وليس تعليلا لقوله يرتد بالرد لما علمت أن علته ما فيه من معنى التمليك فتنبه ح.
والحاصل: أن الابراء عن الدين فيه معنى التمليك ك ومعنى الاسقاط، وهبة الدين كالابراء منه، فمن حيث الاسقاط لا يتوقف على القبول على خلاف في الهبة، ومن حيث التمليك يرتد بالرد.
قال في الصيرفية: رب الدين إذا وهب الدين من المديون فلم يقبل ولم يرد حتى افترقا فجاء بعد أيام ورد الصحيح أنه لا يرتد هذا الاختلاف بناء على أن الرجحان في هبة الدين من المديون بطريق الاسقاط أم بطريق التمليك؟ فمن قال للتمليك قال: يقتصر الجواب على المجلس، ومن قال للاسقاط قال: لا يقتصر انتهى. ويرد عليه أنه إذا ترجح جانب الاسقاط ينبغي أن لا يرتد مطلقا.
تأمل. قوله: (لكن في الصيرفية) استدراك على تضعيف للعناية القول الثاني ح. وقد يقال: هو وإن كان صحيحا فغيره أصح، فتحصل أنهما قولان مصححان ط. قوله: (لكن في المجتبى) استدراك على جعلهم كلا من الهبة والابراء إسقاطا من وجه تمليكا من وجه، وأنت خبير بأن هذا الاستدراك مخالف للمشهور ح. قوله: (تمليك) أي فتحتاج إلى القبول كما صرح به في المجتبى وعزا التسوية بين الهبة والابراء لزفر. قوله: (والابراء إسقاط) ومن قال للاسقاط لا يحتاج إليه. منح. قول (تمليك الدين الخ) قال المحشي الحموي: يستثنى من ذلك ما في القنية من باب الاجر في القرض، ولو قال الأجنبي للدائن هب دينه لي أو حلله لي أو قال اجعل ذلك لي فقال قد فعلت يبرأ استحسانا، ولو وهبه له ابتداء لا يبرأ انتهى. قوله: (حوالة) أي إذا كان المحال عليه مديون المحيل وقد أحال شخصا عليه فإن الدين ينتقل من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، والتعبير بالانتقال يفيد أن المحال لم يملك ما بذمة المحال عليه من الدين، وإنما هو لما رضي بالحوالة فقد التزم الدفع له بأمر المحيل فإذا دفع عنه بأمره وقعت المقاصة بينهما، فليتأمل. وأيضا المحال مسلط على قبضه من المحال عليه. ويقال في الوصية ليس فيها تمليك وإنما هو تسليط أيضا فرجع الامر إلى التسليط في الكل. قوله: (ووصية) أي بأن أوصى بالدين الذي له على زيد لعمرو فإنه يصح لان الموصى له خليفة عن الميت، وكذا إذا أوصى بثلث ماله مثلا