إليه أمانة لتصديقه عليها فانتفى رجوعه عليه، فلو أقام بينة على الدفع للوكيل قبلت واندفعت الورثة وإذا صدقه الورثة في القبض والدفع فالامر ظاهر. وإذ صدقه الورثة في القبض أو ثبت ببينة وكذبوه في الدفع فالقول قوله، لأنه مودع بعد القبض لما نصوا عليه من أن الوكيل بقبض الدين يصير مودعا بعد قبضه فيجري عليه أحكام المودع، فإذا صدقوه في القبض صاروا مقرين بأن المال في يده وديعة ط.
أقول: وكذلك الوصي بعد عزله إذا قال قبضت ودفعته أو هلك مني وكذبه من له عليه الطلب شرعا في القبض لم يقبل قوله إلا ببينة، لأنه بعد العزل لا يملك إنشاء القبض، وفيه إيجاب الضمان على الغير إذ الديون تقضي بأمثالها، ومن حكى أمرا لا يملك إنشاءه وفيه إيجاب الضمان على الغير لا يقبل قوله، ولو لم يكن معزولا وكان له ولاية القبض بأن كان وصي الميت مطلقا أو القاضي وأذن له في القبض قبل قوله في ذلك، فقد صرح في التتارخانية بأن الوصي إذا أقر باستيفاء الدين جاز وذلك لأنه يملك إنشاء القبض وقد قل من حرر هذه المسألة بل لم أطلع على من حررها غيري، فتأمل. ذكره العلامة الرملي.
فرع: الوصي إذ وفي الدين بعد ثبوته وأذن القاضي ثم ظهر دين آخر فإنه لا يرجع عليه وإنما يشارك. والله تعالى أعلم. أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى في تنقيحه في الباب الثالث من كتاب الوقف. قوله: (بخلاف الوكيل بقبض العين) هي أصل المسألة فلا يحتاج إلى هذه الزيادة. قوله: (في حياته) أي الموكل. قوله: (لأنه ينفي الضمان عن نفسه) أي وليس المقصود هنا الايجاب على الموكل.
قوله: (وهو ضمان مثل المقبوض) الذي يقع به القصاص عما على المديون لان الديون تقضي بأمثالها.
قوله: (قلت وظاهره) أي ظاهر ما في الولوالجية. قوله: (لا في حق نفسه) أي فيضمن، ولا يبرأ بدعواه الدفع إلى الميت، وهذا غير ظاهر منها، بل الظاهر من عبارته أنه لا يصدق في حق الموكل خاصة بقرينة تعليله بقوله لأنه يوجب الضمان على الميت ط. قوله: (ولا في حق الموكل) في إيجاب الضمان عليه بمثل المقبوض. قوله: (وقد أفتى بعضهم) هو من معاصري صاحب المنح كما ذكره فيها. وذكر الرملي في حاشيتها: أنه هو الذي لا محيد عنه، وليس في كلام أئمتنا ما يشهد لغيره.
تأمل ا ه.
قال في الأشباه: كل أمين يدعي إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله كالمودع والوكيل والناظر إلا في الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه قبضه ودفعه في حياته لم يقبل إلا ببينة، بخلاف الوكيل بقبض العين، والفرق في الولوالجية ا ه.
وأقول: تعقبه الشرنبلالي أخذا من كلام الولوالجية وغيرها من كتب المذهب بأن دعوى الوكيل الايصال تقبل لبراءته بكل حال. وأما سراية قوله على موكله ليبرأ غريمه فهو خاص مما إذا ادعى الوكيل حال حياة موكله، وأما بعد موته فلا تثبت براءة الغريم إلا ببينة أو تصديق الورثة، إلى آخر ما ذكره في الرسالة المسماة (بمنة الجليل في قبول قول الوكيل) كذا في حاشية أبي السعود.