لان الاكراه جاء من جهتها فكان في حكم الباطل لا باطلا حقيقة، وليس معناه أن أحدا أكرهها على التزوج، ونظير هذه المسألة ما قالوه في كتاب الاكراه من أنه لو أكره على طلاق زوجته قبل الدخول بها لزمه نصف المهر، ويرجع به على المكره إن كان المكره له أجنبيا، فلو كانت الزوجة هي التي أكرهته على الطلاق لم يجب لها شئ، نص عليه القهستاني هناك أيضا. وأما ما ذكر من أن نكاح المكره صحيح إن كان هو الرجل، وإن كان والمرأة فهو فاسد فلم أر من ذكره، وإن أوهم كلام القهستاني السابق ذلك، بل عبارتهم مطلقة في أن نكاح المكره صحيح كطلاقه وعتقه مما يصح مع الهزل، ولفظ المكره شامل للرجل والمرأة، فمن ادعى التخصيص فعليه إثباته بالنقل الصريح، نعم فرقوا بأن الرجل والمرأة في الاكراه على الزنا في إحدى الروايتين، ثم رأيت في إكراه الكافي للحاكم الشهيد ما هو صريح في الجواز فإنه قال: ولو أكرهت على أن تزوجته بألف ومهر مثلها عشرة آلاف زوجها أولياؤها مكرهين فالنكاح جائز ويقول القاضي للزوج: إن شئت أتمم لها مهر مثلها وهي امرأتك إن كان كفؤا لها، وإلا فرق بينهما ولا شئ لها الخ، فافهم. قوله: (وشرط حضور شاهدين) أي يشهدان على العقد، أما الشهادة على التوكيل بالنكاح فليست بشرط لصحته كما قدمناه عن البحر، وإنما فائدتها الاثبات عند جحود التوكيل. وفي البحر قيدنا الاشهاد بأنه خاص بالنكاح لقول الأسبيجابي: وأما سائر العقود فتنفذ بغير شهود، ولكن الاشهاد عليه مستحب للآية ا ه.
وفي الواقعات أنه واجب في المداينات، وأما الكتابة ففي عتق المحيط يستحب أن يكتب للعتق كتابا ويشهد عليه صيانة عن التجاحد كما في المداينة، بخلاف سائر التجارات للحرج، لأنها مما يكثر وقوعها ا ه. وينبغي أن يكون النكاح كالعتق، لأنه لا حرج فيه ا ه.
مطلب: الخصاف كبير في العلم يجوز الاقتداء به تنبيه: أشار بقوله فيما مر ولا المنكوحة مجهولة إلى ما ذكره في البحر هنا بقوله: ولا بد من تمييز المنكوحة عند الشاهدين لتنتفي الجهالة، فإن كانت حاضرة منتقبة كفى الإشارة إليها، والاحتياط كشف وجهها، فإن لم يروا شخصها وسمعوا كلامها من البيت: إن كانت وحدها فيه جاز، ولو معها أخرى فلا لعدم زوال الجهالة، وكذا إذا وكلت بالتزويج فهو على هذا ا ه: أي إن رأوها أو كانت وحدها في البيت يجوز أن يشهدوا عليها بالتوكيل إذا جحدته، وإلا فلا لاحتمال أن الموكل المرأة الأخرى، وليس معناه أنه لا يصح التوكيل بدون ذلك وأنه يصير العقد عقد فضولي فيصح بالإجارة بعده قولا أو فعلا لما علمته آنفا، فافهم. ثم قال في البحر: وإن كانت غائبة ولم يسمعوا كلامها بأن عقد لها وكيلها: فإن كان الشهود يعرفونها كفى ذكر اسمها إذا علموا أنه أرادها، وإن لم يعرفوها لا بد من ذكر اسمها واسم أبيها وجدها. وجوز الخصاف النكاح مطلقا، حتى لو وكلته فقال بحضرتهما زوجت نفسي من موكلتي أو من امرأة جعلت أمرها بيدي فإنه يصح عنده. قال قاضيخان: والخصاف كان كبيرا في العلم يجوز الاقتداء به، وذكر الحاكم الشهيد في المنتقى كما قال الخصاف ا ه.
قلت: في التاترخانية عن المضمرات أن الأول هو الصحيح، وعليه الفتوى، وكذا قال في البحر في فصل الوكيل والفضولي أن المختار في المذهب خلاف ما قاله الخصاف وإن كان الخصاف كبيرا ا ه. وما ذكروه في المرأة يجري مثله في الرجل. ففي الخانية قال الإمام ابن الفضل: