وقال مالك: لا يصح ط. قوله: * (وامرأته حمالة الحطب) * (سورة المسد: الآية 4) أي فهذه الإضافة قاضية عرفا ولغة بالنكاح، وقد قصها الله تعالى في كتابه مفيدة لهذا المعنى ط. قوله: (ولدت من نكاح لا من سفاح) أي لا من زنا، والمراد به نفي ما كانت عليه الجاهلية من أن المرأة تسافح رجلا مدة ثم يتزوجها، وقد استدل بالحديث المذكور في الفتح أيضا. ووجهه أنه (ص) سمى ما وجد قبل الاسلام من أنكحة الجاهلية نكاحا.
مطلب في الكلام على أبوي النبي (ص) وأهل الفترة ولا يقال: إن فيه إساءة أدب لاقتضائه كفر الأبوين الشريفين، مع أن الله تعالى أحياهما له وآمنا به كما ورد في حديث ضعيف. لأنا نقول: إن الحديث أعم بدليل رواية الطبراني وأبي نعيم وابن عساكر: خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي، لم يصبني من سفاح الجاهلية شئ وإحياء الأبوين بعد موتهما لا ينافي كون النكاح كان في زمن الكفر، ولا ينافي أيضا ما قاله الامام في الفقه الأكبر من أن والديه (ص) ماتا على الكفر، ولا ما في صحيح مسلم استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي وما فيه أيضا: أن رجلا قال: يا رسول الله أين أبي؟
قال: في النار، فلما قفا دعاه فقال: إن أبي وأباك في النار لامكان أن يكون الاحياء بعد ذلك، لأنه كان في حجة الوداع، وكون الايمان عند المعاينة غير نافع فكيف بعد الموت؟ فذاك في غير الخصوصية التي أكرم الله بها نبيه (ص).
وأما الاستدلال على نجاتهما بأنهما ماتا في زمن الفترة فهو مبني على أصول الأشاعرة أن من مات ولم تبلغه الدعوى بموتنا حيا، أما الماتريدية، فإن مات قبل مضي مدة يمكنه فيها التأمل ولم يعتقد إيمانا ولا كفرا فلا عقاب عليه، بخلاف ما إذا اعتقد كفرا أو مات بعد المدة غير معتقد شيئا، نعم البخاريون من الماتريدية وافقوا الأشاعرة، وحملوا قول الإمام: لا عذر لاحد في الجهل بخالقه، على ما بعد البعثة، واختاره المحقق ابن الهمام في التحرير، لكن هذا في غير من مات معتقدا للكفر، فقد صرح النووي والفخر الرازي بأن من مات قبل البعثة مشركا فهو في النار، وعليه حمل بعض المالكية ما صح من الأحاديث في تعذيب أهل الفترة، بخلاف من لم يشرك منهم ولم يوحد بل بقي عمره في غفلة من هذا كله ففيهم الخلاف وبخلاف من اهتدى منهم بعقله كقس بن ساعده و زيد بن عمرو بن نفيل فلا خلاف في نجاتهم، وعلى هذا فالظن في كرم الله تعالى أن يكون أبواه (ص) من أحد هذين القسمين، بل قيل: إن آباءه (ص) كلهم موحدون، لقوله تعالى: * (وتقلبك في الساجدين) * (سورة الشعراء: الآية 912) لكن رده أبو حيان في تفسيره بأنه قول الرافضة، ومعنى الآية: وترددك في تصفح أحوال المتهجدين، فافهم.
وبالجملة كما قال بعض المحققين: إنه لا ينبغي ذكر هذه المسألة إلا مع مزيد الأدب، وليست من المسائل التي يضر جهلها أو يسأل عنها في القبر أو في الموقف، فحفظ اللسان عن التكلم فيها إلا بخير أولى وأسلم، وسيأتي زيادة كلام في هذه المسألة في باب المرتد عند قوله وتوبة اليأس مقبولة دون إيمان اليأس. قوله: (كعدم شهود) وعدة من كافر. قوله: (عند الامام) هو