ليأكلن هذا الرغيف اليوم أو ليقضين دينه غدا فمات زيد أو أكل الرغيف غيره قبل مضي اليوم أو قضى الدين أو أبرأه فلان قبل الغد لم يحنث وتمامه في البحر من الأيمان أقول وإنما لم يذكر هذا التفصيل في المسألة السابقة لأن شرط الحنث فيها أمر وجودي وهو الكلام أو الدخول فإذا مات أو جعلت بستانا فقد مات المحل ووقع اليأس من الحنث فلا فائدة في بقاء اليمين سواء كانت مؤقتة أو مطلقة بخلاف ما إذا كان شرط الحنث أمرا عدميا مثل إن لم أكلم زيدا أو إن لم أدخل فإنها لا تبطل بفوت المحل بل يتحقق به الحنث لليأس من شرط البر وهذا إذا لم يكن شرط البر مستحيلا وإلا فهو مسألة الكوز وقد علمت ما فيها من التفصيل وليس منها قوله لأصعدن السماء فإن اليمين فيها منعقدة ويحنث عقبها لأن صعود السماء أمر ممكن في نفسه وقد وقع لبعض الأنبياء وللملائكة وغيرهم ولكنه يحنث عقب اليمين أو في آخر الوقت في المؤقتة لتحقق اليأس عادة وهذا بخلاف مسألة الكوز فإن شرب ما ليس موجودا في الكوز أو ما أريق منه غير ممكن في نفسه ولا في العادة فلذا تبطل اليمين ولا يحنث إلا إذا صب منه وكانت اليمين مطلقة كما سيأتي تحقيقه في الأيمان إن شاء الله تعالى وانظر ما سنذكره آخر الباب قوله (له رجعتها) لأنه لما علق الثلاثة كانت أمة وهو لا يملك عليها إلا ثنتين فكان معلقا ثنتين ح مطلب في ألفاظ لشرط قوله (وألفاظ الشرط) عدل عن الأسماء والحروف لاشتمالها عليهما وهو بسكون الراء مشتق اشتقاقا كبيرا من الشرط محركة بمعنى العلامة سمي بذلك لأنه علامة على ترتيب الثانية على الأولى وسمي الثاني جوابا لأنه لما لزم على القول الأول وصار كالكلام الآتي بعد كلام السائل وجزاء تجوزا لأنه لما ترتب على فعل آخر أشبه الجزاء كما في النهر فإضافة الألفاظ إلى الشرط إضافة المسمى إلى الاسم ح وقدمنا في صدر الكتاب الكلام على الاشتقاق والظاهر أنه لا اشتقاق هنا إذ لا بد من المغايرة لفظا بل الشرط هنا بمعنى العلامة على شئ خاص تأمل قوله (أي علامات وجود الجزاء) أي أن هذه الأدوات أخذت بالذات على وجود الجزاء كما في النهر أي عند وجود الشرط ح قوله (فلو فتحها وقع للحال) هو قول الجمهور لأنها للتعليل ولا يشترط وجود العلة وقت الوقوع بل يقع الطلاق نظرا لظاهر اللفظ وزعم الكسائي مناظرا للشيباني في مجلس الرشيد أنها شرطية بمعنى إذا وهو مذهب الكوفيين ورجحه في المغني وعلى كل حال إذا نوى التعليق ينبغي أن تصح نيته نهر مختصرا وإلى ذلك أشار الشارح بقوله فيدين ط مطلب فيما لو حذف لفاء من لجواب قوله (وكذا لو حذف الفاء من الجواب) يعني يقع للحال ما لم ينو التعليق فيدين وعن أبي يوسف أنه يتعلق حملا لكلامه على الفائدة فتضمر الفاء والخلاف مبني على جواز حذفها اختيارا فأجازه أهل الكوفة وعليه فرع أبو يوسف ومنعه أهل البصرة وعليه تفرع المذهب بحر وذكر قبله
(٣٨٤)