قلت والحاصل أن المشهور وهو المتبادر من إطلاق المتون أنه يكفيها بيت له غلق من دار سواء كان في الدار ضرتها أو أحماؤها وعلى ما فهمه في البحر من عبارة الخانية وارتضاه المصنف في شرحه لا يكفي ذلك إذا كان في الدار أحد من أحمائها يؤذيها وكذا الضرة بالأولى وعلى ما نقله المصنف عن ملتقط صدر الإسلام يكفي مع الأحماء لا مع الضرة وعلى ما نقلنا عن ملتقط أبي القاسم وتجنيسه للأستروشني أن ذلك يختلف باختلاف الناس ففي الشريفة ذات اليسار لا بد من إفرادها في دار ومتوسط الحال يكفيها بيت واحد من دار ومفهومه أن من كانت من ذوات الإعسار يكفيها بيت ولو مع أحمائها وضرتها كأكثر الأعراب وأهل القرى وفقراء المدن الذين يسكنون في الأحواش والربوع وهذا التفصيل هو الموافق لما مر من أن المسكن يعتبر بقدر حالهما ولقوله تعالى * (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) * (الطلاق 6) وينبغي اعتماده في زماننا هذا فقد مر أن الطعام والكسوة يختلفان باختلاف الزمان والمكان وأهل بلادنا الشامية لا يسكنون في بيت من دار مشتملة على أجانب وهذا في أوساطهم فضلا عن أشرافهم إلا أن تكون دارا مورثة بين إخوة مثلا فيسكن كل منهم من جهة منها مع الاشتراك في مرافقها فإذا تضررت زوجة أحدهم من أحمائها أو ضرتها وأراد زوجها إسكانها في بيت منفرد من دار لجماعة أجانب وفي البيت مطبخ وخلاء يعدون ذلك من أعظم العار عليهم فينبغي الإفتاء بلزوم دار من بابها نعم ينبغي أن لا يلزمه إسكانها في دار واسعة كدار أبيها أو كداره التي هو ساكن فيها لأن كثيرا من الأوساط والأشراف يسكنون الدار الصغيرة وهذا موافق لما قدمناه عن الملتقط من قوله اعتبارا في السكنى بالمعروف إذ لا شك أن المعروف يختلف باختلاف الزمان والمكان فعلى المفتي أن ينظر إلى حال أهل زمانه وبلده إذ بدون ذلك لا تحصل المعاشرة بالمعروف وقد قال تعالى * (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) * (الطلاق 6) مطلب في الكلام على المؤنسة قوله (ولا يلزمه إتيانها بمؤنسة الخ) قال في النهر ولم نجد في كلامهم ذكر المؤنسة إلا في فتاوى قارئ الهداية قال إنها لا تجب الخ قوله (ومفاده الخ) عبارة البحر هكذا قال للزوج أن يسكنها حيث أحب ولكن بين جيران صالحين ولو قالت إنه يضربني ويؤذيني فمره أن يسكنني بين قوم صالحين فإن علم القاضي ذلك زجره ومنعه عن التعدي في حقها وإلا يسأل الجيران عن صنيعه فإن صدقوها منعه عن التعدي في حقها ولا يتركها ثمة وإن لم يكن في جوارها من يوثق به أو كانوا يميلون إلى الزوج أمره بإسكانها بين قوم صالحين اه ولم يصرحوا بأنه يضرب وإنما قالوا زجره ولعله لأنها لم تطلب تعزيره وإنصما طلبت الإسكان بين قوم صالحين وقد علم من كلامهم أن البيت الذي ليس له جيران ليس بمسكن شرعي اه قوله (لكن نظر في الشرنبلالي الخ) أي نظر في كلام النهر وأجيب عنه بحمله على ما إذا رضيت بذلك ولم تطالبه بمسكن له جيران
(٦٦١)