على النطق بهذه الغلطة بحيث إنهم يطلبون بها الدلالة على حل الاستمتاع وتصدر عن قصد واختيار منهم، فللقول بانعقاد النكاح بها وجه ظاهر، لأنه والحالة هذه يكون وضعا جديدا منهم، وبانعقاده بين قوم اتفقت كلمتهم على هذه الغلطة أفتى شيخ الاسلام أبو السعود مفتي الديار الرومية، وأما صدورها لا عن قصد إلى وضع جديد كما يقع من بعض الجهلة الأغمار فلا اعتبار به، فقد قال في التلويح: إن استعمال اللفظ في الموضوع له أو لغيره طلب دلالته عليه وإرادته منه، فمجرد الذكر لا يكون استعمالا صحيحا فلا يكون وضعا جديدا ا ه.
وحاصل كلام المصنف: أنه إن اتفقوا على استعمال التجويز في النكاح بوضع جديد قصدا يكون حقيقة عرفية مثل الحقائق المرتجلة. ومثل الألفاظ الأعجمية الموضوعة للنكاح، فيصح به العقد لوجود طلب الدلالة على المعنى المراد وإرادته من اللفظ قصدا، وإلا فذكر هذا اللفظ بدون ما ذكر لا يكون حقيقة لعدم الوضع ولا مجازا لعدم العلاقة، فلا يصح به العقد لكون غلطا كما أفتى به المصنف تبعا لشيخه العلامة ابن نجيم ومعاصريه، لكن أفتى بخلافه العلامة الخير الرملي في الفتاوى الخيرية، ونازع المصنف فيما استشهد به، وكذا نازعه في حاشيته عن المنح، بأنه لا دخل لبحث الحقيقة والمجاز المرتب على عدم العلاقة، وقد أقر المصنف بأنه تصحيف فكيف يتجه ذكر نفي العلاقة؟ بل نسلم كونه تصحيفا بإبدال حرف فلو صدر من عارف لا ينعقد به، وهو محل فتوى الشيخ زين بن نجيم ومعاصريه فيقع الدليل في محله ح. والمسألة لم توجد فيها نقل بخصوصها عن المشايخ، فصارت حادثة الفتوى.
وقد صرح الشافعية بأنه لا يضر من عامي إبدال الزاي جيما وعكسه مع تشديدهم في النكاح بحيث لم يجوزوه إلا بلفظ الانكاح والتزويج والافتاء بحسب الإنهاء. فإذا سئل المفتي هل ينعقد بلفظ التجويز؟ يجيب بلا لعدم التعرض لذكر التصحيف، والأصل عدمه، وإذا سئل في عامي قدم الجيم على الزاي بلا قصد استعارة لعدم علمه بها بل قصد حل الاستمتاع باللفظ الوارد شرعا فوقع له ما ذكر ينبغي فيه موافقة الشافعية، وبالأولى فيما إذا اتفقت كلمتهم على هذه الغلطة كما قطع به أبو السعود، وقد صرحوا بعدم اعتبار الغلط والتصحيف في مواضع، فأوقعوا الطلاق بالألفاظ المصحفة مع اشتراك الطلاق والنكاح في أن جدهما جد وهزلهما جد، وخطر الفروج، وأفتوا بالوقوع في علي الطلاق وأنه تعليق يقع به الطلاق عند وقوع الشرط لأنه صار بمنزلة إن فعلت فأنت كذا، ومثله الطلاق يلزمني لا أفعل كذا مع كونه غلطا ظاهرا لغة وشرعا لعدم وجود ركنه وعدم محلية الرجل للطلاق، وقول أبي السعود: إنه أي هذا الطلاق ليس بصريح ولا كناية نظرا لمجرد اللفظ لا إلى الاستعمال الفاشي لعدم وجوده في بلاده، فإذا لم نعتبر هذا الغلط الفاحش لزمنا أن لا نعتبره فيما نحن فيه مع فشو استعماله وكثرة دورانه في ألسنة أهل القرى والأمصار، بحيث لو لقن أحدهم التزويج لعسر عليه النطق به، فلا شك أنهم لا يلمحون استعارة لنرد ملحهم بعدم العلاقة، بل هو تصحيف عليها فشا في لسانهم.
وقد استحسن بعض المشايخ عدم فساد الصلاة بإبدال بعض الحروف وإن لم يتقارب المخرج لان فيه بلوى العامة، فكيف فيما نحن فيه ا ه ملخصا. قوله: (وأما الطلاق فيقع بها الخ) أي بالألفاظ المصحفة كتلاق وتلاك وطلاك وطلاغ وتلاغ. قال في البحر: فيقع قضاء ولا يصدق إلا إذا