وضع للحال المضارع وهو الأصح عندنا، ففي قوله كل مملوك أملكه فهو حر يعتق ما في ملكه في الحال، لا ما يملكه بعد إلا بالنية، وعلى القول بأنه حقيقة في الاستقبال، فقوله أتزوجك ينعقد به النكاح أيضا لأنه يحتمل الحال كما في كلمة الشهادة، وقد أراد به التحقيق لا المساومة بدلالة الخطبة والمقدمات، بخلاف البيع كما في البحر عن المحيط.
والحاصل أنه إذا كان حقيقة في الحال فلا كلام في صحة الانعقاد به، وكذا إذا كان حقيقة في الاستقبال لقيام القرينة على إرادة الحال، ومقتضاه أنه لو ادعى إرادة لاستقبال والوعد لا يصدق بعد تمام العقد بالقبول، ويأتي قريبا ما يؤيده. قوله: (المبدوء بهمزة) كأتزوجك بفتح الكاف وكسرها ح. قوله: (أو نون) ذكره في النهر) بحثا حيث قال: ولم يذكروا المضارع المبدوء بالنون كنتزوجك أو نزوجك من ابني وينبغي أن يكون كالمبدوء بالهمزة ا ه. قوله: (كتزوجيني) بضم التاء ونفسك بكسر الكاف، ومثله تزوجني نفسك بضم التاء خطابا للمذكر فالكاف مفتوحة.
قوله: (إذا لم ينو الاستقبال) أي الإستيعاد: أي طلب الوعد، وهذا قيد في الأخير فقط كما في البحر وغيره. وعبارة الفتح: لما علمنا أن الملاحظة من جهة الشرع في ثبوت الانعقاد ولزوم حكمه جانب الرضا عدينا حكمه إلى كل لفظ يفيد ذلك بلا احتمال مساو للطرف الآخر فقلنا: لو قال بالمضارع ذي الهمزة أتزوجك فقالت: زوجت نفسي انعقد، وفي المبدوء بالتاء تزوجني بنتك فقال فعلت عند عدم قصد الإستيعاد لأنه يتحقق فيه هذا الاحتمال، بخلاف الأول لأنه لا يستخبر نفسه عن الوعد، وإذا كان كذلك والنكاح مما لا يجري فيه المساومة كان للتحقيق في الحال فانعقد به لا باعتبار وضعه للانشاء، بل باعتبار استعماله في غرض تحقيقه، واستفادة الرضا منه حتى قلنا:
لو صرح بالاستفهام اعتبر فهم الحال. قال في شرح الطحاوي: لو قال هل أعطيتنيها فقال:
أعطيت إن كان المجلس للوعد فوعد وإن كان للعقد فنكاح ا ه. قال الرحمتي: فعلمنا أن العبرة لما يظهر من كلامهما لا لنيتهما، ألا ترى أنه ينعقد مع الهزل والهازل لم ينو النكاح، وإنما صحت نية الاستقبال في المبدوء بالتاء لان تقدير حرف الاستفهام فيه شائع كثير في العربية ا ه. وبه علم أن المبدوء بالهمزة كما لا يصح فيه الإستيعاد لا يصح فيه الوعد بالتزوج في المستقبل عند قيام القرينة على قصد التحقيق والرضا كما قلناه آنفا، فافهم. قوله: وكذا أنا متزوجك) ذكره في الفتح بحثا حيث قال: والانعقاد بقوله أنا متزوجك ينبغي أن يكون كالمضارع المبدوء بالهمزة سواء ا ه.
قال ح: لان متزوج اسم فاعل وهو موضوع لذات قام بها الحدث وتحقق في وقت التكلم فكان دالا على الحال وإن كانت دلالته عليه التزامية. قوله: (أو جئتك خاطبا) قال في الفتح: ولو قال باسم الفاعل كجئتك خاطبا بابنتك أو لتزوجني ابنتك فقال الأب زوجتك فالنكاح لازم، وليس للخاطب أن لا يقبل لعدم جريان المساومة فيه ا ه.
قال ح: فإن قلت: إن الايجاب والقبول في هذا ماضيان فلا معنى لذكره هنا: قلت: المعتبر قوله خاطبا لا قوله جئتك لأنه لا ينعقد به النكاح ولا دخل له فيه. قوله: (لعدم جريان المساومة في النكاح) احترز به عن البيع، فلو قال أنا مشتر أو جئتك مشتريا لا ينعقد البيع لجريان المساومة فيه ط. قوله: (أن المجلس للنكاح) أي لانشاء عقده لأنه يفهم منه التحقيق في الحال،