العرف فاشيا في استعماله في الطلاق لا يعرفون من صيغ الطلاق غيره، فيجب الافتاء به من غير نية، كما هو الحكم في الحرام يلزمني وعلي الحرام، وممن صرح بوقوع الطلاق به للتعارف الشيخ قاسم في تصحيحه وإفتاء أبي السعود مبني على عدم استعماله في ديارهم في الطلاق أصلا كمالا يخفى اه. وما ذكره الشيخ قاسم ذكره قبله شيخه المحقق ابن الهمام في فتح القدير، وتبعه في البحر والنهر. ولسيدي عبد الغني النابلسي رسالة في ذلك سماها رفع الانغلاق في علي الطلاق ونقل فيها الوقوع عن بقية المذاهب الثلاثة.
أقول: وقد رأيت المسألة منقولة عندنا عن المتقدمين. ففي الذخيرة وعن ابن سلام فيمن قال: إن فعلت كذا فثلاث تطليقات علي، أو قال علي واجبات، يعتر عادة أهل البلد، هل غلب ذلك في أيمانهم؟ اه. وكذا ذكرها السروجي في الغاية كما يأتي، وما أفتى به في الخيرية من عدم الوقوع تبعا لأبي السعود أفندي فقد رجع عنه وأفتى عقبه بخلافه، وقال: أقول الحق: الوقوع به في هذا الزمان لاشتهاره في معنى التطليق، فيجب الرجوع إليه والتعويل عليه عملا بالاحتياط في أمر الفروج اه.
تنبيه: عبارة المحقق ابن الهمام في الفتح هكذا: وقد تعورف في عرفنا في الحلف: الطلاق يلزمني لا أفعل كذا: يريد إن فعلته لزم الطلاق ووقع، فيجب أن يجري عليهم، لأنه صار بمنزلة قوله: إن فعلت فأنت طالق، وكذا تعارف أهل الأرياف الحلف بقوله علي الطلاق لا أفعل اه. وهذا صريح في أنه تعليق في المعنى على فعل المحلوف عليه بغلبة العرف وإن لم يكن فيه أداة تعليق صريحا.
ورأيت التصريح بأن ذلك معتبر في الفصل التاسع عشر من التاترخانية حيث قال: وفي الحاوي عن أبي الحسن الكرخي فيمن اتهم أنه لم يصل الغداة فقال عبده حر أنه قد صلاها وقد تعارفوه شرطا في لسانهم، قال: أجري أمرهم على الشرط على تعارفهم، كقوله: عبدي حر إن لم أكن صليت الغداة وصلاها لم يعتق، كذا هنا اه.
وفي (البزازية): وإن قال أنت طالق لو دخلت الدار لطلقتك، فهذا رجل حلف بطلاق امرأته ليطلقنها إن دخلت الدار، بمنزلة قوله عبده حر إن دخلت الدار لأضربنك، فهذا رجل حلف بعتق عبده ليضربنها إن دخلت الدار، فإن دخلت الدار لزمه أن يطلقها، فإن مات أو ماتت فقد فات الشرط في آخر الحياة اه: أي فيقع الطلاق كما في منية المفتي.
قلت: فيصير بمنزلة قوله إن دخلت الدار ولم أطلقك فأنت طالق، وإن دخلت الدار ولم أضربك فعبدي حر. وذكر الحنابلة في كتبهم أنجار مجرى القسم بمنزلة قوله والله فعلت كذا.
مطلب في قولهم: علي الطلاق، على الحرام قال في النهر: ولو قال علي الطلاق أو الطلاق يلزمني أو الحرام ولم يقل لا أفعل كذا لم أجده في كلامهم اه.
وفي حواشي مسكين: وقد ظفر فيه شيخنا مصرحا به في كلام الغاية للسروجي معزيا إلى المغني. ونصه: الطلاق يلزمني أو لازم لي صريح لأنه يقال لمن وقع طلاقه لزمه الطلاق، وكذا