قلت: والذي في النفقات أن زوجة الصغير لو أنفق عليها أبوه ثم ولدت واعترفت أنها حبلى من الزنى لا ترد شيئا من النفقة، لان الحبلى من الزنى إن منع الوطئ لا يمنع من دواعيه اه. فيمكن الفرق بأن ما هنا فيمن كانت حبلى من الزنى ثم تزوجها، وما في النفقات في الزوجة إذا حبلت من الزنى، فتأمل. ولا يمكن الجواب بأن ما في النفقات على قول الإمام بدليل قول البحر هنا على قولهما، لان الضمير في قولهما يعود إلى أبي حنيفة ومحمد القائلين بصحة النكاح، وأما أبو يوسف فلا يقول بصحته من أصله فافهم. قوله: (متصل بالمسألة الأولى) الضمير في متصل عائد على قول المصنف وإن حرم وطؤها حتى تضع فافهم. قوله: (إذ الشعر ينبت منه) المراد ازدياد نبات الشعر لا أصل نباته، ولذا قال في التبيين والكافي: لان به يزداد سمعه وبصره حدة كما جاء في الخبر ا ه.
وهذه حكمته، وإلا فالمراد المنع من الوطئ لما في الفتح، قال رسول الله (ص): لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماؤه زرع غيره يعني إتيان الحبلى. رواه أبو داود والترمذي وقال:
حديث حسن ا ه شرنبلالية. قوله: (اتفاقا) أي منهما ومن أبي يوسف، فالخلاف السابق في غير الزاني كما في الفتح وغيره. قوله: (والولد له) أي إن جاءت بعد النكاح لستة أشهر. مختارات النوازل، فلو لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح لا يثبت النسب، ولا يرث منه إلا أن يقول: هذا الولد مني، ولا يقول من الزنى. خانية. والظاهر أن هذا من حيث القضاء، أما من حيث الديانة فلا يجوز له أن يدعيه، لان الشرع قطع نسبه منه، فلا يحل له استلحاقه به. ولذا لو صرح بأنه من الزنى لا يثبت قضاء أيضا، وإنما يثبت لو لم يصرح لاحتمال كونه بعقد سابق أو بشبهة حملا لحال المسلم على الصلاح، وكذا ثبوته مطلقا إذا جاءت به لستة أشهر من النكاح لاحتمال علوقه بعد العقد، وأن ما قبل العقد كان انتفاخا لا حملا، ويحتاط في إثبات النسب ما أمكن.
مطلب فيما لو زوج المولى أمته قوله: (ولو زوج أمته الخ) هذا محترز قوله: المقر به كما أوضحناه قبل. قوله: (ولا يستبرئها زوجها) أي استحبابا ولا وجوبا عندهما. وقال محمد: لا أحب أن يطأها قبل أن يستبرئها، لأنه احتمل الشغل بماء المولى فوجب التنزه كما في الشراء. هداية. وقال أبو الليث: قوله أقرب إلى الاحتياط وبه نأخذ. بناية. ووفق في النهاية بأن محمدا إنما نفى الاستحباب، وهما أثبتا الجواز بدونه فلا معارضة. واعترضه في البحر بأنه خلاف ما في الهداية، لكن استحسنه في النهر بأنه لا ينبغي التردد في نفس الاستبراء على قول. قال: وبه يستغني عن ترجيح قول محمد.
قلت: إذا كان الصحيح وجوب الاستبراء على المولى يسوغ نفي استحبابه عن الزوج لحصول المقصود، نعم لو علم أن المولى لم يستبرئها لا ينبغي التردد في استحبابه للزوج، بل لو قيل بوجوبه لم يبعد، ويقربه أنه في الفتح حمل قول محمد: لا أحب، على أنه يجب لتعليه باحتمال الشغل بماء المولى فإنه يدل على الوجوب. وقال: فإن المتقدمين كثيرا ما يطلقون أكره هذا في التحريم أو كراهة التحريم، وأحب في مقابله ا ه.