مطلب في قول الإمام: إيماني كإيمان جبريل قوله: (كإيمان جبريل) فإن الحقيقة في الفردين واحدة وهي التصديق الجازم. قوله: (لا مثل إيمان جبريل) لزيادته في الصفة من كونه عن مشاهدة فيحصل به زيادة الاطمئنان، كما أشير إليه في قوله تعالى: * (رب أرني كيف تحيي الموتى) * (سورة البقرة: الآية 062) الآية، وبه يحصل زيادة القرب ورفع المنزلة، لكن ما نقل عن الامام هنا يخالفه ما في الخلاصة من قوله: قال أبو حنيفة: أكره أن يقول الرجل إيماني كإيمان جبريل، ولكن يقول: آمنت بما آمن به جبريل اه. وكذا ما قاله أبو حنيفة في كتاب العالم والمتعلم: إن إيماننا مثل إيمان الملائكة لأنا آمنا بوحدانية الله تعالى وربوبيته وقدرته، وما جاء من عند الله عز وجل بمثل ما أقر ت به الملائكة وصدقت به الأنبياء والرسل، فمن ها هنا إيماننا مثل إيمانهم، لأنا آمنا بكل شئ آمنت به الملائكة مما عاينته من عجائب الله تعالى ولم نعاينه نحن، ولهم بعد ذلك علينا فضائل في الثواب على الايمان وجميع العبادات الخ.
ولا يخفى أن بين هذه العبارات الثلاث تحالفا بسبب الظاهر. ويمكن التوفيق بحمل الأولى على العالم لأنه قال: أقول إيماني كإيمان جبريل، ولا أقول مثل إيمان جبريل. والثانية على غيره لقوله: أكره أن يقول الرجل. والثالثة على ما إذا فصل، وصرح بالمؤمن به وإن كان بلفظ المثلية لعدم الايهام بعد التصريح فيجوز للعالم والجاهل، وللعلامة ابن كمال باشا رسالة في هذه المسألة، هذا خلاصة ما فيها. قوله: (ككف) يعني إذا نوى الكف صدق ديانة ووقفت عليه واحدة، لان الكف واحدة ح. قوله: (والمعتمد الخ) لم أر من صرح بها الاعتماد، وكأنه فهمه من عبارة البحر، وهو فهم في غير محله كما تعرفه. وفي الهداية: والإشارة تقع بالمنشورة منها، فلو نوى الإشارة بالمضمومتين يصدق ديانة لا قضاء، وكذا إذا نوى الإشارة بالكف حتى تقع في الأولى ثنتان وفي الثانية واحدة لأنه يحتمله، لكنه خلاف الظاهر يحتمله، لكنه خلاف الظاهر اه. قال في غاية البيان: وأراد بالأولى نية الإشارة بالمضمومتين، وبالثانية نيتها بالكف، فلا يصدد قضاء في الصورتين، وتطلق ثلاثا لأنه أشار إليها بأصابعه الثلاث المنشورة اه.
وفي كافي الحاكم: وإن كان يعني بثلاث أصابع أنها واحدة ويقول إنما أشرت بالكاف دين ولا يصدق قضاء، فهذا صريح في أن إرادة الكف تصح ديانة مع الإشارة بثلاث أصابع فقط. وعبارة البحر: والإشارة تقع بالمنشورة منها دون المضمومة للعرف والسنة، ولو نوى الإشارة بالمضمومتين صدق ديانة لا قضاء، وكذا لو نوى الإشارة بالكف، والإشارة بالكف أن تقع الأصابع كلها منشورة، وهذا هو المعتمد.
وهناك أقوال ذكرها في المعراج: الأول: لو جعل ظهر الكف إلى المرأة وبطون الأصابع المنشورة إليه صدق قضاء وبالعكس لا. الثاني: لو باطن كفه إلى السماء فالعبرة للنشر، وإن للأرض فللضم. الثالث: إن نشرا عن ضم فالعبرة للنشر، وإن ضما عن نشر فللضم اه ملخصا. فقوله:
وهذا هو المعتمد راجع لقوله: والإشارة تقع بالمنشورة أي بدون تفصيل بقرينة حكايته الأقوال الثلاثة بعده، ويدل عليه أيضا قوله في الفتح بعد حكايته الأقوال المذكورة: و المعول عليه إطلاق المصنف: أي أن العبرة للمنشورة مطلقا، وليس راجعا لقوله: والإشارة بالكف أن تقع الأصابع كلها