في البحر قوله (لا إن نوى) أي لا يرجع إن نوى الرجوع بلا إشهاد ولا إذن قاض أي لا يصدق في القضاء أنه نوى ذلك وإنما يثبت له الرجوع فيما بينه وبين ربه تعالى قوله (يكتسب أو يتكفف) قدم الكسب لأنه الواجب أولا إذ لا يجوز التكفف أي طلب الكفاف بمسألة الناس إلا عند العجز عن الاكتساب قال في الذخيرة فإن قدر على الكسب تفرض النفقة عليه فيكتسب وينفق عليهم وإن عجز لكونه زمنا أو مقعدا يتكفف الناس وينفق عليهم كذا في نفقات الخصاف وذكر الخصاف في أدب القضاء أنه في هذه الصورة يفرضها القاضي على الأب ويأمر المرأة بالاستدانة على الزوج فإذا قدر طالبته بما استدانت عليه وكذا لو فرضها القاضي عليه ثم امتنع مع قدرته اه وقال أيضا وإن امتنع عن الكسب حبس بخلاف سائر الديون ولا يحبس والد وإن علا في دين ولده وإن سفل إلا في النفقة لأن فيه إتلاف الصغير قوله (وينفق عليهم) أي على أولاده الصغار وقيل نفقتهم في بيت المال بحر وفي القهستاني عن المحيط وتفرض على المعسر بقدر الكفاية وعلى الموسر بقدر ما يراه الحاكم قوله (ولو لم يتيسر) أي الإنفاق عليهم أو الاكتساب قال في الفتح وإن لم يف كسبه بحاجتهم أو لم يكتسب لعدم تيسر المكسب أنفق عليهم القريب الخ ومثله في البحر وظاهره أن إنفاق القريب يثبت بمجرد عجز الأب عن الكسب وينافيه ما مر من أنه إذا عجز عنه يتكفف ولعل المراد أنه يتكفف إن لم يوجد قريب ينفق عليهم وبه يجمع بين الكلب المنقولتين آنفا عن الخصاف لكن في الثانية أمر الزوجة بالاستدانة والظاهر أنه أمرهم على ما إذا كانت معسرة فلو موسرة تنفق من مالها لترجع ويأتي قريبا أنها أولى بالتحمل من سائر الأقارب الكلام على نفقة الأقارب قوله (ورجع على الأب إذا أيسر) في جوامع الفقه إذا لم يكن للأب مال والجد أو الأم أو الخال أو العم موسر يجبر على نفقة الصغير ويرجع بها على الأب إذا أيسر وكذا يجبر الأبعد إذا غاب الأقرب فإن كان له أم موسرة فنفقته عليها وكذا إن لم يكن له أب إلا أنها ترجع في الأول اه فتح قلت وهذا هو الموافق لما يأتي من أنه لا يشارك الأب في نفقة أولاده أحد فلا يجعل كالميت بمجرد إعساره لتجب النفقة على من بعده بل تجعل دينا عليه وسيذكر الشارح تصحيح خلافه وأنه لا بد من إصلاح المتون ويأتي الكلام فيه وهذا إذا لم يكن الأب زمنا عاجزا عن الكسب وإلا قضى بالنفقة على الجد اتفاقا لأن نفقة الأب حينئذ واجبة على الجد فكذا نفقة الصغار ولا يخفى أن كلامنا الآن في الأب العاجز عن الكسب تأمل قوله (ولو خاصمته الأم) أي بأن شكت منه أن لا ينفق أو أنه يقتر عليهم قوله (ما لم تثبت خيانتها) أي إنه لا يقبل قوله إنها لا تنفق أو تضيق عليهم لأنها أمينة ودعوى الخيانة على الأمين لا تسمع بلا حجة فيسأل القاضي جيرانها ممن يداخلها فإن أخبروه بما قال الأب زجرها ومنعها عن ذلك نظرا لهم ذخيرة قوله (فيدفع لها الخ) هذا نقله في الذخيرة عن بعض المشايخ عقب ما مر فقال إن شاء القاضي
(٦٧٣)