الزنا، لكن يأتي أنه يندب الاستدانة له. قال في البحر: فإن الله ضامن له الأداء فلا يخاف الفقر إذا كان من نيته التحصين والتعفف اه. ومقتضاه أنه يجب إذا خاف الزنا وإن لم يملك المهر إذا قدر على استدانته، وهذا مناف للاشتراط المذكور، إلا أن يقال: الشرط ملك كل من المهر والنفقة ولو بالاستدانة، أو يقال: هذا في العاجز عن الكسب ومن ليس له جهة وفاء. وقدم الشارح في أول الحج أنه لو لم يحج حتى أتلف ماله وسعه أن يستقرض ويحج ولو غير قادر على وفائه، ويرجى أن لا يؤاخذه الله تعالى بذلك: أي لو ناويا وفاءه لو قدر كما قيده في الظهيرية اه. وقدمنا أن المراد عدم قدرته على الوفاء في الحال مع غلبة ظنه لو اجتهد قدر، وإلا فالأفضل عدمه، وينبغي حمل ما ذكر من ندب الاستدانة على ما ذكرنا من ظنه القدرة على الوفاء، وحينئذ فإذا كانت مندوبة عند أمنه من الوقوع في الزنا ينبغي وجوبها عند تيقن الزنا، بل ينبغي وجوبها حينئذ وإن لم يغلب على ظنه قدرة الوفاء. تأمل.
مطلب: كثيرا ما يتساهل في إطلاق المستحب على السنة قوله: (سنة مؤكدة في الأصح) وهو محمل القول بالاستحباب، وكثيرا ما يتساهل في إطلاق المستحب على السنة. وقيل: فرض كفاية، وقيل واجب كفاية وتمامه في الفتح، وقيل واجب عينا ورجحه في النهر كما يأتي. قال في البحر ودليل السنية حال الاعتدال، الاقتداء بحاله (ص) في نفسه ورده على من أراد من أمته التخلي للعبادة كما في الصحيحين ردا بليغا بقوله: فمن رغب عن سنتي فليس مني كما أوضحه في الفتح اه. وهو أفضل من الاشتغال بتعلم وتعليم كما في درر البحار، وقدمنا أنه أفضل من التخلي للنوافل. قوله: (فيأثم بتركه) لأن الصحيح أن ترك المؤكدة مؤثم كما علم في الصلاة. بحر. وقدمنا في سنن الصلاة أن اللاحق بتركها إثم يسير، وأن المراد الترك مع الاصرار، وبهذا فارقت المؤكدة الواجب، وإن كان مقتضى كلام البدائع في الإمامة أنه لا فرق بينهما إلا في العبارة. قوله: (ويثاب إن نوى تحصينا) أي منع نفسه ونفسها عن الحرام، وكذا لو نوى مجرد الاتباع وامتثال الامر، بخلاف ما لو نوى مجرد قضاء الشهوة واللذة. قوله: (أي القدرة على وطئ) أي الاعتدال في التوقان أن لا يكون بالمعنى المار في الواجب والفرض وهو شدة الاشتياق، وأن لا يكون في غاية الفتور كالعنين، ولذا فسره في شرحه على الملتقى بأن يكون بين الفتور والشوق، وزاد المهر والنفقة لان العجز عنهما يسقط الفرض فيسقط السنية بالأولى، وفي البحر: والمراد حالة القدرة على الوطئ والمهر والنفقة مع عدم الخوف من الزنا والجور وترك الفرائض والسنن، فلو لم يقدر على واحد من الثلاثة أو خاف واحدا من الثلاثة: أي الأخيرة فليس معتدلا فلا يكون سنة في حقه، كما أفاده في البدائع اه. قوله: (للمواظبة عليه والانكار الخ) فإن المواظبة المقترنة بالانكار على الترك دليل الوجوب، وأجاب الرحمتي بأن الحديث ليس فيه الانكار على التارك بل على الراغب عنه، ولا شك أن الراغب عن السنة محل الانكار. قوله: (ومكروها) أي تحريما. بحر. قوله: (فإن تيقنه) أي تيقن الجور حرم، لان النكاح إنما شرع لمصلحة تحصين