وقدمنا في الجنائز مثله عن الفتح، والله أعلم.
باب القسم قوله: (القسمة) في المغرب: القسم بالفتح مصدر قسم القسام المال بين الشركاء: فرقه بينهم وعين أنصباءهم، ومنه القسم بين النساء ا ه: أي لأنه يقسمك بينهن البيتوتة ونحوها. وفي المصباح:
قسمته قسما من باب ضرب، والاسم القسم بالكسر، ثم أطلق على الحصة والنصيب فيقال هذا قسمي والجمع أقسام مثل حمل وأحمال. واقتسموا المال بينهم والاسم القسمة، وأطلقت على النصيب أيضا وجمعها قسم مثل سدرة وسدر. ويجب القسم بين النساء ا ه. فعلم أن القسم هنا مصدر على أصله، ويصح أن يراد به القسمة: أي الاقتسام أو النصيب. تأمل. قوله: (وظاهر الآية أنه فرض) فإن قوله تعالى: * (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) * (سورة النساء: الآية 3) أمر بالاقتصار على الواحدة عند خوف الجور، فيحتمل أنه للوجوب، فيعلم إيجاب العدل عند تعددهن كما قاله في الفتح أو للندب، ويعلم إيجاب العدل من حيث إنه إنما يخاف على ترك الواجب كما في البدائع، وعلى كل فقد دلت الآية على إيجابه. تأمل. قوله: (أي أن لا يجوز) أشار به إلى التخلص عما اعترض به على الهداية حيث قال: وإذا كان للرجل امرأتان حرتان فعليه أن يعدل بينهما، فإنه يفهم أنه لا يجب بين الحرة والأمة. وأجاب في الفتح بأن معنى العدل هنا التسوية، لا ضد الجور، فإذا كانتا حرتين أو آمتين فعليه التسوية بينهما وإن كانتا حرة وأمة فلا يعدل بينهما: أي لا يسوي بل يعدل بمعنى لا يجور، وهو أن يقسم للحرة ضعف الأمة فالايهام نشأ من اشتراك اللفظ ا ه. ولكن لما لم يفيد المصنف هنا بحرة ولا غيرها ناسب أن يفسر كلامه بعدم الجور: أي عدم الميل عن الواجب عليه من تسوية وضدها، فيشمل التسوية بين الحرتين أو الأمتين وعدمها بين الحرة والأمة وكذا في النفقة لعدم لزوم التسوية فيها مطلقة كما يأتي قوله: (بالتسوية في البيتوتة) الأولى حذف قوله: بالتسوية لأنها لا تجب بين الحرة والأمة كما علمت بل يجب عدمها.
وقد يجاب بأن المراد التسوية إثباتا أو نفيا: أي يجب أن لا يجوز باثباتها بين الحرة والأمة وبنفيها بين الحرتين وبين الأمتين، ولم يذكر الإقامة في النهار لأنها تجب في الجملة بلا تقدير كما سيأتي. قوله: (وفي الملبوس والمأكول) أي والسكنى، ولو عبر بالنفقة لشمل الكل. ثم إن هذا معطوف على قوله فيه وضميره للقسم المراد به البيتوتة فقط بقرينة العطف، وقد علمت إن العدل في كلامه بمعنى عدم الجور لا بمعنى التسوية، فإنها لا تلزم في النفقة مطلقا.
قال في البحر: قال في البدائع: يجب عليه التسوية بين الحرتين والأمتين في المأكول والمشروب والملبوس والسكنى والبيتوتة، وهكذا ذكر الولوالجي.
والحق أنه على قول من اعتبر حال الرجل وحده في النفقة. وأما على القول المفتى به من اعتبار حالهما فلا، فإنه إحداهما قد تكون غنية والأخرى فقيرة، فلا يلزم التسوية بينهما مطلقا في النفقة ا ه. وبه ظهر أنه لا حاجة إلى ما ذكره المصنف في المنح من جعله ما في المتن مبنيا على