تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٨٤
الغاصب وبعكسه لا يرجع به ثانيا والقن كالمدبر غير أن المولى يدلع العبد هنا وثمة
____________________
لكن ذلك في حق المولى والغاصب لأن ما أخذه المولى من الغاصب عوض المدفوع إلى ولي الجناية الأولى وأما في حق المجني عليه فهو عوض ما لم يسلم له ومثله جائز كالذمي إذا باع خمرا وقضى دين مسلم يجوز له أخذه لأن تلك الدراهم ثمن الخمر في حق الذمي وبدل الدين في حق المسلم. قوله ودفع إلى الأول فإن قلت: هذا يناقض قوله أولا جناية العبد لا توجب إلا دفعا واحدا لو محلا أو قيمة واحدة وهنا أوجبت قيمة ونصفا أو دفع العبد ونصف القيمة للأول، فالجواب أن الكلام الأول فيما إذا تعددت الجناية في يد شخص واحد من غير غصب ورد يكون جامعا لها فلهذا تجب قيمة واحدة أو دفع واحد، وهنا لما كانت عند شخصين لم يمكن جمعها فلها حكمان وإن كانت في يد واحد لكن بعد غصب ورد كما سيأتي في قوله ورده. قال رحمه الله: (ثم يرجح به على الغاصب) أي يرجع المولى بذلك الذي دفعه إلى ولي الجناية الأولى ثانيا على الغاصب عندهما لأنه استحق من يده بسبب كان في يد الغاصب فيرجع عليه بذلك فصار كأنه لم يرد ولم يضمن له شيئا إذا لم يبق شئ من العبد أو من بدله في يده.
قال رحمه الله: (وبعكسه لا يرجع به ثانيا) أي بعكس ما ذكره لا يرجع غاصب المولى على الغاصب بالقيمة ثانيا وصورته أن المدبر جنى عند مولاه أولا فغصبه رجل فجنى عنده جناية أخرى ثم رده على المولى ضمن قيمته لولي الجنايتين فيكون بينهما نصفين، ثم يرجع المولى على الغاصب بنصف القيمة لأنه استحق عليه بسبب كان في يد الغاصب فيدفعه إلى ولي الجناية الأولى بالاجماع. أما عندهما فظاهر لما بينا، وأما عند محمد فإنه يمتنع الدفع إلي ولي الجناية الأولى في المسألة الأولى كيلا يجتمع البدل والمبدل في ملك واحد على ما بينا، وهنا لا يلزم ذلك لأن ما أخذه من الغصب عوض ما دفع إلى ولي الجناية الثانية فإذا دفعه إلى ولي الأولى لا يجتمع البدلان في ملك واحد، وفي الأول يجتمع لأنه عوض ما أخذه هو بنفسه، ثم إذا أدفعه إلي ولي الأولى لا يرجع به على الغاصب بالاجماع وهو المراد بقوله وبعكسه لا يرجع ثانيا لأن المولى لما لم يدفع ما أخذه من الغاصب إلى ولي الأولى سلم له ما أخذه من الغاصب فلم يتصور الرجوع عليه وهنا لم يسلم له بالاجماع ومع هذا لا يرجع على الغاصب بالاجماع بما دفعه ثانيا لأن الذي دفعه المولى إلى ولي الجناية الأولى ثانيا هنا بسبب جناية وجدت عنده فلا يرجع به على أحد بخلاف المسألة الأولى عندهما لأن دفع المولى ثانيا إلى ولي الجناية الأولى فيها بسبب جناية وجدت عند الغاصب فيرجع عليه هنا كما ذكرنا. قال رحمه الله: (والقن كالمدبر غير أن المولى يدفع العبد هنا وثمة القيمة) أي العبد القن فيما ذكرنا كالمدبر، ولا فرق بينهما إلا أن المولى يدفع القن وفي المدبر القيمة حتى إذا غصب رجل عبدا فجنى في يده ثم رده على المولى فجنى عنده جناية أخرى فإن المولى يدفعه إلى الأول ثم يرجع على الغاصب عندهما، وعند محمد لا يدفع ما أخذه من الغاصب إلى الأول بل يسلم له فلا يتصور الرجوع على الغاصب ثانيا على ما ذكرنا في المدبر، وإن جنى
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست