تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٨٩
قتيل وجد في محلة لم يدر قاتله حلف خمسون رجلا منهم يتخيرهم الولي بالله ما قتلناه
____________________
يقسم خمسون رجلا من أهل المحلة كل منهم يقول بالله ما قتلته ولا علمت له قاتلا ا ه‍.
أقول: ما ذكر في النهاية إنما هو مسألة القسامة شرعا فإن التفسير من قبيل التصورات وما ذكر فيها تصديق من قبيل الشرطيات كما ترى، نعم يمكن أن يؤخذ منه تفسير القسامة شرعا بتدقيق النظر لكنه في موضع بيان معنى القسامة شرعا في أول الباب تعسف خارج عن سنن الطريق. وأما ركنها فهو أنه يجري من أن يقسم هذه الكلمات التي يقسم بها على لسانه ثم قال في النهاية: وأما شرطها فهو أن يكون المقسم رجلا بالغا عاقلا حرا فلذلك لم يدخل في القسامة المرأة والصبي والمجنون والعبد وأن يكون في الميت الموجود أثر القتل، وأما لو وجد ميتا لا أثر به فلا قسامة ولا دية، ومن شرطها أيضا تكميل اليمين بالخمسين ا ه‍. وفي غاية البيان أيضا كذلك. ومن شروطها أيضا أن لا يعلم قاتله فإن علم فلا قسامة فيه ولكن يجب القصاص فيه أو الدية كما تقدم. ومنها أن يكون القتيل من بني آدم فلا قسامة في بهيمة وجدت في محلة قوم، ومنها الدعوى من أولياء القتيل لأن القسامة يمين واليمين لا تجب بدون الدعوى كما في سائر الدعاوي، ومنها إنكار المدعي عليه لأن اليمين وظيفة المنكر، ومنها المطالبة في القسامة لأن اليمين حق المدعي وحق الانسان يوفي عند طلبه كما في سائر الأموال، ومنها أن يكون الموضع الذي وجد فيه القتيل ملكا لاحد أو في يد أحد فإن لم يكن ملكا لاحد ولا في يد أحد أصلا فلا قسامه فيه ولا دية في قن أو مدبر أو أم ولد أو مكاتب أو مأذون وجد مقتولا في دار مولاه، نص في البدائع على هاتيك الشروط كلها بالوجه الذي ذكرناه مع زيادة تفصيل وأورد على اشتراط الحرية إذا وجد قتيل في دار مكاتب فعليه القسامة. إذا حلف يجب الأقل من قيمته ومن الدية، نص عليه في البدائع. وأجيب بأن المكاتب حر يدا، وإن لم يكن حرا رقبة كما صرحوا به في الباب السابق فوجد فيه الحرية في الجملة فجاز اشتراطنا الحرية في القسامة مطلقا بناء على ذلك لكن لا يخفي ما فيه. وأما صفتها فهي وجوب الايمان. وأما دليلها فالأحاديث المشهورة وإجماع الأمة. وأما سببها فوجود القتيل في المحلة وما في معناه.
قال رحمه الله: (قتيل وجد في محلة لم يدر قاتله حلف خمسون رجلا منهم يتخيرهم الولي بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا) هذا على سبيل الحكاية عن الجميع، وأما عند الحلف فيحلف كل واحد منهم بالله ما قتلته ولا علمت له قاتلا لجواز أنه قتله وحده فيجري على يمينه ما قلنا يعني جميعا ولا يعكس لأنه إذا قتله مع غيره كان قاتلا له. وقال الشافعي رحمه الله: إذا كان هناك لوث استحلف الأولياء خمسين يمينا ويقضى لهم بالدية على المدعى عليه عمدا كانت الدعوى أو خطأ. وقال مالك رحمه الله: يقضى بالقود إذا كانت الدعوى في القتل العمد وهو أحد قولي الشافعي، واللوث عندهما أن يكون هناك علامة القتل على واحد بعينه أو ظاهر يشهد للمدعي من عداوة ظاهرة أو يشهد عدل أو جماعة غير عدول أن أهل المحلة
(١٨٩)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 187 188 189 190 191 192 193 195 ... » »»
الفهرست