تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٩٠
ولا علمنا له قاتلا وإن حلفوا فعلى أهل المحلة الدية ولا يحلف الولي وإن لم يتم العدد
____________________
قتلوه، وإن لم يكن ثم لوث استحلف المدعى عليهم فإن حلفوا لا دية عليهم، وإن أبوا أن يحلفوا حلف المدعي واستحق ما ادعاه. لنا قوله صلى الله عليه وسلم لو أعطى الناس بدعواهم الحديث.
وقوله البينة على المدعى واليمين على من أنكر ولا فرق في ذلك بين الدم والأموال على ظاهر الأحاديث، وما روي في قتيل وجد بين قوم قال يستحلف خمسين رجلا منهم فهو كقول المؤلف قتيل خرج مخرج الغالب. قال في العناية: جرح رجل في قبيلة ولم يعلم جارحه فإما أن يصير صاحب فراش أو يكون صحيحا بحيث يذهب ويجئ، فإن كان الثاني فلا ضمان بالاتفاق، وإن كان الأول ففيه القسامة والدية على القبيلة عند الإمام، وعند الثاني لا شئ فيه اه‍. وأطلق في القتيل فشمل الخطأ والعمد والدعوى بذلك قال في الأصل: وإذا وجد قتيل في محلة قوم وادعى ولي القتيل القتل عمدا أو خطأ فهذا على ثلاثة أوجه: إما أن يدعي ولي القتيل على واحد من أهل المحلة أنه هو الذي قتله وليه، فإن ادعى على جميع أهل المحلة أنهم قتلوا وليه عمدا أو خطأ وادعى على واحد من غير أهل المحلة أنه هو الذي قتله وليه عمدا أو خطأ وأنكر أهل المحلة فإنه يحلف خمسون رجلا منهم كل واحد بالله ما قتلته ولا علمت له قاتلا، فإن حلفوا غرموا الدية، وإن نكلوا فإنه يحبسهم حتى يحلفهم. وفي الذخيرة: هذا الحبس بدعوى العمد وإن كان يدعي الخطأ فإذا نكلوا عن اليمين يقضى عليهم بالدية اه‍. وقوله يتخيرهم الولي يعني يختار الصالحين دون الطالحين ولو من أهل الذمة، وإن كان القتيل مدبرا أو مكاتبا وجبت القسامة وقيمته في ثلاث سنين لأن العبد بمنزلة الأحرار في حق الدماء، وروي عن أبي يوسف أنه لا شئ فيه لأنه في حكم الأموال عنده ولا قسامة في الجنين لأنه ناقص الخلقة اه‍. قال رحمه الله: (وإن حلفوا فعلى أهل المحلة الدية ولا يحلف الولي) وقال الشافعي رحمه الله: يحلف وقد تقدم. ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم: يحلف خمسون رجلا منكم بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا ثم أغرموا الدية فقال الحالف: يا رسول الله يحلف ويغرم؟ فقال: نعم الحديث. هذا إذا ادعى عليهم لا بأعيانهم القتل عمدا أو خطأ لأن المدعى عليهم لا يميزون عن الباقين، ولو ادعى على البعض بأعيانهم القتل عمدا أو خطأ فكذلك الجواب وإطلاق الكتاب يدل على ذلك. وعن أبي يوسف في غير رواية الأصول أن القسامة والدية تسقط عن الباقين من أهل المحلة ويقال للولي ألك بينة؟ فإن قال لا يستحلف المدعى عليه يمينا واحدة. وروى ابن المبارك عن أبي حنيفة مثله. ووجهه أن القياس يأباه لاحتمال وجود القتل من غيرهم، وفي الاستحسان تجب القسامة والدية على أهل المحلة والنصوص لم تفرق بين دعوى ودعوى فيجاب بإطلاق النصوص لا بالقياس بخلاف ما إذا ادعى على واحد من غيرهم
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 187 188 189 190 191 192 193 195 196 ... » »»
الفهرست