تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٩١
كرر الحلف عليهم ليتم خمسين يمينا ولا قسامة على صبي ومجنون وامرأة وعبد ولا قسمامة ولا دية في ميت لا أثر به أو يسيل دم من فمه أو أنفه أو دبره بخلاف عينه
____________________
لأنه ليس فيه نص، فلو أوجبناهما بالقياس وهو ممتنع، ثم إن حلف برئ، وإن نكل ففي دعوى المال يثبت وفي دعوى القصاص فهو على الاختلاف الذي ذكرناه في كتاب الدعوى. قال رحمه الله: (وإن لم يتم العدد كرر الحلف عليهم ليتم خمسين يمينا) لأن الخمسين وجبت بالنص فيجب تمامه ما أمكن ولا يشترط فيه الوقوف على الفائدة فيما يثبت بالنص وقد روي عن عمر رضي الله عنه أن قضى بالدية، وروي عن شريح والنخعي مثل ذلك ولان فيه استعظاما لأمر الدم فيتكمل، وتكرار اليمين من واحد على سبيل الوجوب ممكن شرعا كما في كلمات اللعان، وإن كان العدد كاملا فأراد الولي أن يكرر على أحدهم فليس له ذلك لأن المصير إلى التكرار ضرورة الاكمال وقد كمل. قال رحمه الله: (ولا قسامة على صبي ومجنون وامرأة وعبد) لأنهم ليسوا من أهل النصر وإنما هم أتباع والنصرة لا تقوم بالاتباع واليمين على أهل النصرة، ولان الصبي والمجنون ليسا من أهل القول الصحيح واليمين قول قوله وامرأة وعبد لأنهما ليسا من أهل النصرة واليمين على أهلها. أقول: يشكل إطلاق هذا بقول أبي حنيفة ومحمد في مسألة وهي أنه لو وجد قتيل في قرية لامرأة فعند أبي حنيفة ومحمد عليها القسامة تكرر عليها الايمان والدية على عاقلتها، وأما عند أبي يوسف القسامة أيضا على العاقلة.
قال رحمه الله: (ولا قسامة ولا دية في ميت لا أثر به أو يسيل دم من فمه أو أنفه أو دبره بخلاف عينه وأذنه) لأن القسامة تجب في القتيل وهذا ليس بقتيل وإنما مات حتف أنفه وفي مثله لا قسامة ولا غرامة لأن الغرامة تتبع فعل العبد والقسامة لاحتمال القتل منهم فلا بد من أثر يكون بالميت يستدل به على أنه قتيل بخلاف ما إذا خرج دمه من عينه وأذنه لأنه لا يخرج عادة إلا من كثرة الضرب فيكون قتيلا ظاهرا فتجري عليه أحكامه وهو المراد بقوله بخلاف عينه وأذنه. ولو وجد بدن القتيل كله أو أكثر من نصفه أو النصف ومعه الرأس في ملحة فعلى أهلها القسامة والدية، وإن وجد نصفه مشقوقا بالطول أو وجد أقل من النصف وكان معه الرأس أو لم يكن فلا شئ عليهم لأن هذا حكم عرف بالنص وقد ورد به في البدن ولكن للأكثر حكم الكل فأجرينا عليه أحكامه تعظيما للآدمي والأقل ليس معناه فلا يلحق به وإلا لو اعتبرناه لاجتمعت الديات والقسامات بمقابلة شخص واحد بأن توجد أطرافه في القرى مفرقة وهو غير مشروع، وينبني على هذا صلاة الجنازة لأنها لا تتكرر كالقسامة والدية. قال الشارح: ولو وجد فيهم جنين أو سقط ليس به أثر الضرب لا شئ على أهل المحلة لأنه لا يفوق الكبير حالا، وإن كان به أثر الضرب وهو تام الخلق وجبت القسامة والدية عليهم لأن الظهر أن تام الخلق ينفصل حيا إلى آخره. أقول: في تحرير هذه المسألة فتور من وجوه: الأول أن الجنين على ما صرحوا به في عامة كتب اللغة الولد ما دام
(١٩١)
مفاتيح البحث: الدية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 187 188 189 190 191 192 193 195 196 198 ... » »»
الفهرست