تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٢٠١
قتله زيد حلف بالله ما قتله ولا عرفت له قاتلا غير زيد وبطل شهادة بعض أهل المحلة
____________________
في دار الاسلام ولا يدري القاتل يرجح حال قتلى المشركين حملا لأمر المسلمين على الصلاح في أنهم لا يتركون المسلمين في مثل ذلك الحال ويقتلون المسلمين فإن قيل: الظاهر أن قاتله من غير المحلة وأنه من خصمائه قلنا: قد تعذر الوقوف على قاتله حقيقة فيتعلق الحكم بالسبب الظاهر وهو وجوده قتيلا في محلتهم، كذا في النهاية والعناية. أقول: يرد على هذا الجواب أن يقال: ما بالكم تجعلون هذا الظاهر وهو وجوده قتيلا في محلتهم موجبا لاستحقاق القسامة والدية على أهل المحلة ولا يجعلون ذلك الظاهر وهو كون قاتله خصماءه من غير أهل المحلة دفعا للقسامة والدية عن أهل المحلة مع أن الأصل الشائع أن يكون الظاهر حجة للدفع دون الاستحقاق، فالأظهر في الجواب أن يقال: الظاهر لا يكون حجة للاستحقاق فبقي حال القتل مشكلا فأوجبنا القسامة والدية على أهل المحلة لورود النص بإضافة القتيل إليهم عند الاشكال فكان العمل بما ورد فيه النص أولى، وسيأتي مثل هذا عن قريب إن شاء الله تعالى. قال في الهداية: وإن كان القوم لقوا قتالا ووجد قتيل بين أظهرهم فلا قسامة ولا دية لأن الظاهر أن قتله كان هدرا يحوج إلى ذكر الفرق بين هذا وبين ما إذا اقتتل المسلمون عصبية في محلة فأجلوا عن قتيل فإن عليهم القسامة والدية كما مر أنفا.
وقالوا في الفرق: إن القتال إذا كان بين المسلمين والمشركين في مكان في دار الاسلام ولا يدري أن القاتل من أيهما يرجح جانب احتمال قتل المشركين حملا لأمر المسلمين على الصلاح. في أنهم لا يتركون الكفار في مثل ذلك الحال ويقتلون المسلمين وأما في المسلمين من الطرفين فليس ثمة جهة الحمل على الصلاح حيث كان الفريقان مسلمين فبقي حال القتل مشكلا فأوجبنا القسامة والدية على أهل ذلك المكان لورود النص بإضافة القتل إليهم عند الاشكال، وكان العمل بما ورد به النص أولى عند الاحتمال من العلم بالذي لم يكن كذلك اه‍. وقال بعض الفضلاء طعنا في المصير إلى الفرق المذكور: إنه ظاهر فإن الظاهر هنا حجة للدفع عن المسلمين فيصلح حجة وثمة لو كان حجة لكان حجة للاستحقاق وذلك غير جائز فيجب على أهل المحلة للنص اه‍. أقول: ليس هذا الفرقي بتمام فضلا عن كونه ظاهرا إذا لا نسلم أن الظاهر ثمة لو كان حجة لكان حجة للاستحقاق بل يجوز أن يكون حجة لدفع القسامة والدية على أهل المحلة ولا يكون حجة للاستحقاق على المسلمين الذين اقتتلوا عصبة في ذلك المحل فيلزم أن يكون هدرا فلا بد من تمام الفرق بين المسألتين من المصير إلى ما ذكره المشايخ من البيان، ونقله صاحب العناية كما تحققته. قال رحمه الله: (وإن قال المستحلف قتله زيد حلف بالله ما قتلته ولا عرفت له قاتلا غير زيد) لأنه لما أقر بالقتل على واحد صار مستثنيا عن اليمين وبقي حكم من سواه على حاله فيحلف عليه فلا يقبل عليه قول المستحلف أنه قتله لأنه يريد بذلك إسقاط الخصومة عن نفسه فلا يقبل ويحلف على ما ذكرنا. وفي النهاية: هذا
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 198 199 200 201 202 203 205 206 207 ... » »»
الفهرست