تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٩٢
وأذنه قتيل على دابة ومعها سائق أو قائد أو راكب فديته على عاقلته مرت دابة عليها
____________________
في البطن فكيف يتصور أنه يوجد فيهم جنين وحده وهو في بطن أمه، وأما وجوده مع أمه بمعزل عما نحن فيه لكون الحكم هناك للام دون الجنين. والثاني أن ذكر الجنين يغني عن ذكر السقط لأن السقط على ما صرح به في كتب اللغة الولد الذي يسقط قبل تمامه والجنين يعم تام الخلق وغير تامة. والثالث أن قوله ليس به أثر الضرب غير كاف في جواب المسألة إذ لا بد فيه من أن يكون به أثر الجراحة والخنق كما تقرر فيما سبق، فلاقتصار هنا على نفي أثر الضرب تقصير. والأظهر أن يقال: ولو وجد فيهم ولد صغير ساقط ليس فيه أثر القتل فلا شئ عليهم فتدبر. قوله وإن كان به أثر الضرب وهو تام الخلق وجبت القسامة والدية عليهم لأن الظاهر أن تام الخلق ينفصل حيا. فإن قيل: الظاهر يصلح للدفع دون الاستحقاق ولهذا قلنا في عين الصبي ولسانه وذكره إذا لم يعلم صحته حكومة عدل عندنا وإن كان الظاهر سلامتها. أجيب بأنه إنما لم يجب في الأطراف قبل أن يعلم صحتها ما يجب في السليمة لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال وليس تعظيم كتعظيم النفس فلم يجب فيها قبل العلم بالصحة قصاص أو دية بخلاف الجنين فإنه نفس من وجه عضو من وجه، فإذا انفصل تام الخلق وبه أثر الضرب وجب فيه القسامة والدية تعظيما للنفوس لأن الظاهر أنه قتيل لوجود دلالة القتل وهو الأثر إذا الظاهر هو حال تام الخلق أن ينفصل حيا، وأما إذا وجد ميتا ولا ثر به لا يجب فيه شئ فكذا هذا. قال جمهور الشراح: ورد صاحب العناية جوابهم المزبور حيث قال بعد ذكر السؤال والجواب: وهذا كما ترى مع تطويله لم يرد السؤال وربما قواه لأن الظاهر إذا لم يكن حجة للاستحقاق في الأموال وما سلك به مسلكها فلان يكون فيما هو أعظم خطرا أولى انتهى. ولان الجنين نفس فاعتبرنا جهة النفس إن انفصل حيا فيستدل عليه بتمام الخلق وعضو من وجه فاعتبرنا جهة العضو إن انفصل ميتا فيستدل عليه بنقصان الخلق. قال رحمه الله: (قتيل على دابة ومعها سائق أو قائد أو راكب فديته على عاقلته) دون أهل المحلة لأنه في يده فصار كما إذا كان في داره، وإن اجتمع فيها السائق والقائد والراكب كانت الدية عليهم جميعا لأن القتيل في أيديهم دون أهل المحلة فصار كما إذا وجد في دارهم، ولا يشترط أن يكونوا مالكين للدابة بخلاف الدار. والفرق أن تدبير الدابة إليهم وإن لم يكونوا مالكين لها وتدبير الدار إلى مالكها وإن لم يكن ساكنا فيها. وقيل: القسامة والدية على مالك الدابة فعلى هذا أن لا فرق بينهما وبين الدار. وعن أبي يوسف أنه لا يجب على السائق إلا إذا كان يسوقها مختفيا لأن الانسان قد ينقل قريبه الميت من مكان إلى مكان للدفن، وأما إذا كان على وجه الخفية فالظاهر أنه هو الذي قتله. وإن لم يكن مع الدابة أحد فالدية والقسامة على أهل المحلة الذين وجد فيهم القتيل على الدابة لأن وجوده وحده على الدابة كوجوده في الموضع الذي فيه الدابة. وفي شرح الطحاوي: أو كان الرجل يحمله على
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 195 196 198 199 ... » »»
الفهرست