تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٦٧
حتى مات يقتص وإن اختلفا شاهدا القتل في الزمان أو المكان أو فيما وقع به القتل أو قال أحدهما قتله بعصا وقال الآخر لم ندر بماذا قتله بطلت وإن شهدا أنه قتله وقالا لا
____________________
كذبهما القاتل فللشاهد آخرا نصف الدية ولا شئ للأول لأن القاتل لما كذب الأول فقد زعم أن للثاني نصف الدية ولم يثبت عفوه ولم يوجد منه تكذيب القاتل في إقراره فوجب له نصف الدية، والأول قد أقر بسقوط القصاص في نصيبه بنصف دية وجبت له على القاتل وقد كذبه القاتل في ذلك فلم يثبت، وكذبه إن صدقهما معا فلا شئ للأول، وللثاني نصف الدية لأنه تعارض التصديق والتكذيب منه في حق كل واحد منهما فتساقطا فصار كأنه سكت، ولو سكت يجب للثاني نصف الدية ولا يبطل بتكذيب القاتل لأن تكذيب القاتل باطل في حق الثاني، وإن صدقه الثاني وكذبه الأول فللثاني نصف الدية ولا شئ للأول لأنه ثبت عفو الأول في حق القاتل بتصديق الثاني في شهادته ولم يثبت عفو الثاني بتكذيب الأول في شهادته. ولو عفا أحد الوليين وعلم الآخر أن القتل حرام عليه فقتل عليه القصاص وله نصف الدية في مال القاتل لأن قتله تمحض حراما، وإن لم يعلم بالحرمة فعليه الدية في ماله علم بالعفو أو لم يعلم لأنه اشتبه عليه لأن ظنه استند إلى دليل يوجب الاشتباه وهو القياس على سائر الحقوق المشتركة بين اثنين إذا أبرأ أحدهما لا يبطل حق الآخر فكانت ظنا في موضع الاشتباه فأورث شبهة لسقوط القصاص، ولهذا اشتبه على عمر رضي الله عنه مع جلالة قدره في العلم حيث شاور ابن مسعود في ذلك على ما ذكرنا.
قال رحمه الله: (وأن أشهدا أنه ضربه فلم يزل صاحب فراش حتى مات يقتص) لأن الثابت بالبينة كالثابت معاينة وفي ذلك القصاص على ما عرف، والشهادة على قتل العمد يتحقق على هذا الوجه لأنه إذا كان مخطئا لا يحل لهم أن يطلقوه بل يقولون قصد غيره فأصابه لأن الموت بسبب الضرب إنما يعرف إذا صار بالضرب صاحب فراش وأقام على ذلك حتى مات. قال الشارح: وتأويله إن شهدوا أنه ضربه بشئ جارح أقول قال في الكفاية: إنما أوله لتكون المسألة مجمعا عليها. قال في معراج الدراية: الاطلاق في الجامع الصغير إن كان قولهما فهو مجرى على إطلاقه، وإن كان قول الكل فتأويله أن تكون الآلة جارحة. قال جمهور الشراح: فإن قيل الشهود شهدوا على الضرب بشئ جارح ولكن الضرب به قد يكون خطأ فيكف يثبت القود مع أنهم لم يشهدوا أنه كان عمدا؟ قلنا: لما شهدوا أنه ضربه وإنما يشهدون أنه قصد غيره فأصابه وقالوا: كذلك ذكره شيخ الاسلام خواهر زاده. قال رحمه الله: (وإن اختلفا شاهد القتل في الزمان أو المكان أو فميا وقع به القتل أو قال أحدهما قتله بعصا وقال الآخر لم ندر بماذا قتله بطلت) ولو قال المؤلف ولو شهد أربعة بقتل واختلفوا في الزمان أو المكان أو فيما وقع به القتل أو قالا قتله بعصا وقال الآخر لم ندر بماذا قتله بطلت لكان أولى لأنه إذا علم ببطلان شهادة المثنى عند الاختلاف علم بطلان شهادة الفرد
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 64 65 67 71 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست