الطريقة فإنه لما قيل له ألا نهد مسجدك ثم نبنيه فقال لا عرش كعرش موسى أو قال عرش كعرش موسى وكان سقف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من جريد فكان ينكشف إذا مطروا حتى كانوا يسجدون في الماء والطين وعن علي رضي الله عنه إنما مر بمسجد مزين مزخرف فجعل يقول لمن هذه البيع وإنما قال ذلك لكراهيته هذا الصنع في المساجد ولما بعث الوليد بن عبد الملك أربعين ألف دينارا ليزين بها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بها على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقال المساكين أحوج إلى هذا المال من الأساطين والأصل فيه ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أشراط الساعة ان تزخرف المساجد وتعلى المنارات وقلوبهم خاوية من الايمان ولكنا نقول لا بأس بذلك لما فيه من تكثير الجماعة وتحريض الناس على الاعتكاف في المسجد والجلوس فيه لانتظار الصلاة وفى كل ذلك قربة وطاعة والاعمال بالنيات ثم الدليل على أنه لا بأس بذلك ما روى أن أول من بنى مسجد بيت المقدس داود عليه السلام ثم أتمه سليمان عليه السلام بعد وزينه حتى نصب على رأس القبة الكبريت الأحمر وكان أعز وأنفس شئ وجد في ذلك الوقت فكان يضئ من ميل وكن الغزالات يبصرن ضوءه بالليالي من مسافة ميل والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أول من زين المسجد الحرام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب رضي الله عنه زين مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاد فيه وكذلك عثمان رضي الله عنه بعده بنى المسجد بماله وزاد فيه وبالغ في تزيينه فدل أن ذلك لا بأس به وان تأويل ما روى بخلاف هذا ما أشار إليه في آخر الحديث وقلوبهم خاوية من الايمان أي يزينون المساجد ولا يداومون على إقامة الصلاة فيها بالجماعة والمراد التزين بما ليس بطيب من الأموال أو على قصد الرياء والسمعة فعلى بعض ذلك يحمل ليكون جمعا بين الآثار وهذا كله إذا فعل المرء هذا بمال نفسه مما اكتسب من حله فاما إذا فعله بمال المسجد فهو آثم في ذلك وإنما يفعل بمال المسجد ما يكون فيه احكام البناء فاما التزين فليس من احكام البناء في شئ حتى قال مشايخنا رحمهم الله للمتولى أن يجصص الحائط بمال المسجد وليس له أن ينقش الجص بمال المسجد ولو فعله كان ضامنا لان في التجصيص احكام البناء وفى النقض على الجص تزيين البناء لا إحكامه فيضمن المتولي ما ينفق على ذلك من مال المسجد (قال ألا ترى أن الرجل قد يبنى لنفسه دارا وينقش سقفها بماء الذهب فلا يكون آثما في ذلك) يريد به أن فيما ينفق على ذلك
(٢٨٤)