تشبيه في غرم العامل الأول يعني أن العامل الأول إذا تاجر في المال فخسر ثم دفعه لآخر يعمل فيه بلا إذن من ربه فربح فيه فإن رب المال يرجع على الثاني برأس ماله وحصته من الربح ويرجع الثاني على الأول بما خصه من الربح الذي أخذه رب المال فإذا كان المال ثمانين فخسر الأول أربعين ثم دفع الأربعين الباقية لشخص يعمل فيه على النصف في الربح فصار مائة فإن رب المال يأخذ منه ثمانين رأس المال وعشرة ربحه والعامل عشرة ثم يرجع العامل على الأول بعشرين تمام الثلاثين ولا رجوع لرب المال عليه لأن خسره قد جبر هذا إن حصل الخسر بعد عمله بل ( وإن) حصل (قبل عمله) أي عمل الأول كما لو ضاعت الأربعون في المثال المتقدم بأمر من الله قبل عمل الأول وقبل دفع الأربعين الباقية للعامل الثاني وإطلاق الخسر على ما قبل العمل مجاز فالمراد النقص (والربح لهما) أي لرب المال والعامل الثاني في مسألة ما إذا قارض بلا إذن ولا شئ للعامل الأول لتعديه وعدم عمله وشبه بما تضمنه قوله والربح لهما من أنه لا شئ للأول قوله: (ككل آخذ مال للتنمية) لربه غير القراض كوكيل على بيع شئ ومبضع معه (فتعدى) فلا ربح له بل لرب لمال كأن يوكله على بيع سلعة بعشرة فباعها بأكثر فالزائد لربها لا للوكيل وكأن يبضع معه عشرة ليشتري له بها عبدا أو طعاما من محل كذا فاشتراه فالزائد وهو الاثنان لرب المال لا للمشتري هذا معناه فكلام المصنف مشكل إذ مثل هذا لا يقال فيه متعد والتنمية هنا غير لازمة إذ قد يكون ذلك للتنمية وقد لا يكون كما هو ظاهر وأما إذا باعها بعشرة كما أمره فاتجر في العشرة حتى حصل فيها ربح أو أن المبضع معه اشترى بالعشرة سلعة غير ما أمره بإبضاعها فربح فيها فالربح للوكيل فيهما كالمودع يتجر في الوديعة والغاصب والوصي والسارق إذا حركوا المال فربحوا فالربح لهم كما أن الخسارة عليهم (لا إن نهاه) أي لا إن نهى رب المال عامله (عن العمل قبله) أي قبل العمل وانحل عقد القراض حينئذ فإن تعدى وعمل فالربح له فقط كما أن الخسارة عليه
(٥٢٧)