كالمعدوم حسا. ومثله القرافي بالخمر والمطربات المحرمة إلا عند من أجاز تخليل الخمر فإنه سهل في إمساكها ليخللها. وقال في المتيطية: ومن اشترى من آلة اللهو شيئا البوق وغيره فسخ البيع وأدب أهله انتهى. الثاني: ما كان جميع منافعه محللة فيجوز بيعه إجماعا كالثوب والعبد والعقار وشبه ذلك. قاله المازري: ويصح ملكه إلا أن يتعلق بتلك المنفعة حق الآدمي كالحر فإنه أحق بنفسه أو حق الله كالمساجد والبيت الحرام فلا يصح ملك ذلك ولا بيعه، وقد يمنع تعلق حق الآدمي البيع دون الملك كأم الولد والمعتق إلى أجل والوقف ونحو ذلك. الثالث: ما فيه منافع محللة ومنافع محرمة. قال المازري: فهو المشكل على الافهام ومزلة الاقدام وفيه ترى العلماء مضطربين وأنا أكشف عن سره ليهون عليك اختلافهم.
فإن كان جل المنافع والمقصود منها محرما والمحلل منها تبعا فواضح إلحاقه بالقسم الأول. ويمكن تمثيل ذلك بالزيت النجس فإن جل منافعه كالأكل والادهان وعمله صابونا والايقاد في كل موضع ممنوع منه على المشهور إنما فيه إيقاده في غير المساجد وانتفاع غير الآدمي منه وذلك في حكم التبع فامتنع بيعه. وفي أواخر كلام المازري تمثيله لذلك بشحم الميتة قال: فالمقصود الذي هو الاكل حرام وإن كان فيه بعض المنافع محللة عند من يجيز استعمال ذلك. في بعض المواضع قال: ويلحق بهذا المعنى بياعات الغرر لأنه قد لا يحصل البيع فتصير المعاوضة على غير منتفع به ويلحق بالقسم الأول الذي لا منفعة فيه أصلا، لكن ذلك عدم المنفعة فيه تحقيقا وفي هذا تقديرا وتجويزا والله أعلم. وإن كان جل المنافع والمقصود منها محللا والمحرم تبع فواضح إلحاقه بالثاني، ويمكن تمثيله بالزبيب ونحوه مما يمكن أن يعمل منه الخمر والله أعلم. وإن كانت منافعه المقصودة منها ما هو محلل ومنها ما هو محرم أو فيه منفعة محرمة مقصودة وسائر منافعه محللة قال المازري: هذا هو المشكل وينبغي أن يلحق بالممنوع لأن كون هذه المنفعة المحرمة مقصودة يؤذن بأن لها حصة من الثمن، وأن العقد اشتمل عليها كما اشتمل على ما سواها وهو عقد واحد لا سبيل إلى تبعيضه، والتعاوض على المحرم ممنوع فمنع الكل لاستحالة التمييز، ولان الباقي من المنافع يصير ثمنه مجهولا لو قدر جواز انفراده انتهى. وجزم ابن شاس بأن المنافع المقصودة إذا كان بعضها محللا وبعضها محرما لم يصح البيع ونصه: وإن توزعت يعني المنافع المقصودة في النوعين لم يصح البيع لأن ما يقابل ما حرم منها من أكل المال بالباطل وما سواه من بقية الثمن يصيره مجهولا. وهذا التعليل يطرد في كون المحرم منفعة واحدة مقصودة كما يطرد في كون المنافع بأسرها محرمة، وهذا النوع وإن امتنع بيعه لما ذكر من الوجهين فملكه صحيح لينتفع مالكه بما فيه من منافع مباحة انتهى. وعدم صحة البيع ظاهر.
المازري أيضا: ثم قال ابن شاس:
فرع: لو تحقق وجود منفعة محرمة ووقع الالتباس في كونها مقصودة فمن الأصحاب