مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٦١
على العذرة فدل على أن العذرة ممنوعة بالأحروية. وجمع ابن بشير بين العذرة والزبل وحكى فيهما ثلاثة أقوال: المنع والجواز وجعلهما شاذين. والفرق بين العذرة فيمنع والزبل فيجوز على ما ارتضاه من رد تخريج اللخمي ولم يصرح فيه بمشهورية ولا ترجيح. وهذه هي الأقوال التي تقدم في كلامه الإشارة إليها. وكذلك اللخمي جمع بين العذرة والزبل وحكى فيها ثلاثة أقوال: الجواز لابن القاسم على ما خرجه له في العذرة، والكراهة لمالك، والمنع لابن عبد الحكم. وهي الأقوال التي تقدمت في كلامه الإشارة إليها. واعلم أن القول بالمنع هو الجاري على أصل المذهب في المنع من بيع النجاسات والقول بالجواز لمراعاة الضرورة، ومن قال بالكراهة تعارض عنده الأمران ورأي أن أخذ الثمن عن ذلك ليس من مكارم الأخلاق، والقول الآخر رأى أن العلة في الجواز إنما هي الاضطرار فلا بد من تحققها بوجود الاضطرار إليه والله أعلم.
تنبيه: قال في المدونة في البيوع الفاسدة إثر الكلام المتقدم: ولا بأس ببيع خثاء البقر وبعر الغنم والإبل. قال أبو الحسن: لأنه عنده طاهر وإن كان الشافعي يخالف فيه. وقال في الشامل: وجاز بيع إبل وبقر وغنم ونحوها انتهى. وقال عياض: صوابه خثي البقر والجمع أخثاء انتهى. وهو بكسر الخاء المعجمة وسكون المثلثة وآخره ياء تحتية. قاله في الصحاح قال: والمصدر بالفتح تقول خثي البقر يخثو خثيا. وأما عظام الميتة وقرونها وأظلافها ففي طهارة ذلك ونجاسته خلاف مذكور في الطهارة، والمشهور النجاسة في ذلك كله. وفي أنياب الفيل فيمنع البيع، قال ابن الحاجب هنا: وعظام الميتة ثالثها يجوز في ناب الفيل.
قال في التوضيح: الخلاف مبني على الخلاف في الطهارة والمشهور أنه نجس فلا يباع انتهى. ونقل ابن عرفة في الطهارة عن أصبغ أنه إن وقع البيع، فإن كانت العظام أو أنياب الفيل صلقت فلا يفسخ إن فات وإن لم تصلق فيفسخ ولو فات انتهى. وهذا على قوله إنها تطهر بالصلق، فعلى المشهور يكون الحكم واحدا قبل الصلق وبعده، وكذلك جلود الميتة لا يجوز بيعها وإن دبغت. وقيل: يجوز. وقال في التوضيح: القولان مبنيان على الطهارة، ومقابل المشهور لابن وهب في جواز البيع بعد الدبغ بشرط البيان انتهى. ونقل ابن عرفة هذين القولين بعد الدبغ. وأما قبله فنقل في ذلك طريقين: الأولى لابن حارث لا يجوز اتفاقا. الثانية لابن رشد في جواز البيع، والانتفاع ثلاثة أقوال: الأول: الجواز فيهما لابن وهب مع قيامه من سماع ابن القاسم في صابون طبخ بزيت وقعت فيه فأرة. الثاني: المنع فيهما وهو المعلوم من قول ابن القاسم وروايته عن ومالك وقول ابن عبد الحكم. والثالث: يجوز الانتفاع لا البيع وهو رواية لابن القاسم في جامع العتبية، ومذهب المدونة المنع من بيع ذلك كله. قال في البيوع الفاسدة منها: ولا يجوز بيع ميتة ولا جلدها وإن دبغ ولا يؤاجر بها على طرحها لأن ذلك كله بيع. ثم قال: ولا أرى أن تشترى عظام الميتة ولا تباع ولا أنياب الفيل ولا يتجر
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست