مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٦٦
من يقف في جواز البيع ومنهم من يكره ولا يحرم انتهى. وقال المازري بأثر كلامه المتقدم:
وربما وقع في هذا النوع مسائل تشكل على العالم فيخلط المسألة بعين فكرته فيرى المنفعة المحرمة ملتبسا أمرها هل هي مقصودة أم لا؟ ويرى ما سواها من المنافع المقصودة محللة فيمتنع من التحريم لأجل كون المقصود من المنافع محللا ولا ينشط لاطلاق الإباحة لأجل الاشكال في تلك المنفعة هل هي مقصودة أم لا؟ فيقف هنا المتورع. ويتساهل آخر ويقول بالكراهة للالتباس ولا يحرم. فاحتفظ بهذا الأصل فإنه من مذهبات العلم ومن أتقنه علما هان عليه جميع مسائل الخلاف الواردة في هذا الباب، وأفتى وهو على بصيرة في دين الله انتهى والله أعلم.
واحترز المؤلف بقوله: أشرف مما إذا بيع قبل أن يشرف فإنه يجوز بيعه ولو كان مرضه مخوفا على الأصح كما يفهم ذلك من قول المصنف وحامل مقرب والمراد بكونه أشرف أنه بلغ حد السياق كما قال ابن الحاجب: ولا يباع من في السياق. واحترز بقوله:
محرم من مباح الاكل فإنه يباع ليذكى فيجوز بيعه لوجود المنفعة. قاله ابن عبد السلام ونقله عنه في التوضيح وتبعه في هذا المختصر. وقال ابن عرفة: قلت: وظاهر إطلاقاتهم ونص ابن محرز منع بيع من في السياق ولو كان مأكول اللحم للغرر في حصول الغرض من حياته أو صيرورته لحما وفي حصول ذكاته لاحتمال عدم حركته بعد ذبحه. وهو يرد قول ابن عبد السلام يجوز ذلك في مأكول اللحم انتهى. فالصواب في إطلاق ابن الحاجب في قوله: ولا يباع من في السياق وهو أحسن من تقييد المصنف بكونه محرما تبعا لابن عبد السلام كما قاله ابن عرفة، وقد ذكر ابن غازي كلام ابن عرفة وهو ظاهر والله أعلم. وقول الشارح:
وقيل يجوز بيعه ولو محرما مشرفا لا أعرفه والله أعلم.
فروع: الأول: قال في الجواهر: إذا تقرر اشتراط المنفعة فيكفي مجرد وجودها، وإن قلت ولا يشترط كثرة القيمة فيها ولا عزة الوجود بل يصح بيع الماء والتراب والحجارة لتحقق المنفعة وإن كثر وجودها ويجوز بيع لبن الآدميات لأنه طاهر منتفع به اه‍. وأجازه أيضا الشافعي وابن حنبل، ومنعه أبو حنيفة لأنه جزء حيوان منفصل عنه في حياته فيحرم أكله وبيعه، وجوابه القياس على لبن الانعام وفرق بشرف الآدمي وأنه إنما أبيح منه الرضاع للضرورة كتحريم لحمه. ويندفع الفرق بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها أرضعت كبيرا فحرم عليها، فلو كان حراما ما فعلت ذلك ولم ينكر عليها أحد من الصحابة فكان إجماعا على إلغاء هذا الفرق. قاله القرافي.
الثاني: السم جميع منافعه محرمة. قال سحنون: لا يحل بيع السم ولا ملكه على حال والناس مجمعون على تحريم بيعه. اه‍. من الكتاب الثالث من البيوع من النوادر في ترجمة
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست