الضرورة إليه لا خلاف في منع بيعه والانتفاع به، والذي تدعو الضرورة إليه مجمعا عليه كان أو مختلفا فيه، فهل يجوز بيته أم لا؟ على ثلاثة أقوال انتهى. ويأتي إن شاء الله ذكر الأقوال التي ذكرها، والصور المختلف فيها هي كل ما فيه منفعة مقصودة فلأجل مراعاة تلك المنفعة اختلف العلماء فيه إذا قد علم أنه إنما منع بيع النجس لأنه لا منفعة فيه أصلا أو فيه منفعة منع الشارع منها فصار وجودها كالعدم لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا. فمن تلك الصور الزبل ودخل تحت الكاف في قوله: كزبل صور أخر نجاستها ذاتية وفيها منفعة منها:
العذرة ومنها عظام الميتة ومنها جلود الميتة. ومن الصور أيضا الزيت المتنجس. وكاف التشبيه مقدرة فيه ليدخل فيه كل متنجس لا يقبل التطهير كالسمن المتنجس والعسل المتنجس ونحو ذلك. أما العذرة وهي رجيع بني آدم فنسب ابن الحاجب وابن شاس للمدونة المنع من بيعها، والذي في التهذيب الكراهة. قال في البيوع الفاسدة: كره مالك بيع العذرة ليزبل بها الزرع أو غيره. قيل لابن القاسم: فما قول مالك في زبل الدواب؟ فقال: لم أسمع منه فيه شيئا إلا أنه عنده نجس، وإنما كره العذرة لأنها نجس وكذلك الزبل أيضا، وأنا لا أرى ببيعه بأسا. قال أشهب: والمبتاع في زبل الدواب أعذر من البائع. قال الشيخ أبو الحسن في الأمهات قال: وأما الرجيع فلا خير فيه. ووقع له في كتاب محمد: المشتري أعذر من البائع في الرجيع أيضا. ويعني أعذر أكثر اضطرارا. وقال ابن عبد الحكم: لا أعذر الله واحدا منهما. وقال قبله الشيخ: وكراهة بيع العذرة على بابها انتهى. وكذلك ظاهر اللخمي أن الكراهة على بابها.
وقال المصنف في التوضيح بعد ذكر كلام المدونة المتقدم، فانظر كيف عبر بالكراهة في موضعين. نعم عبر أبو عمران وعياض عن مالك بلا يجوز وهو موافق للمصنف، ولعل الذي حملهم على ذلك التعليل بالنجاسة انتهى. وكذلك ابن عرفة نسب المنع للمدونة ويأتي لفظه إن شاء الله، وهو ظاهر ما فهمه ابن بشير عن المدونة، والمنع مذهب ابن عبد الحكم. ونقل اللخمي كلامه بلفظ ما عذر الله واحدا منهما وأمرهما في الاثم سواء انتهى.
كذا نقله ابن عبد السلام والمصنف. وفي بعض النسخ: ما أعذر الله بالألف من باب أكرم والمعنى واحد أي ما قبل الله العذر من واحد منهما. ونقل اللخمي أيضا كلام أشهب بلفظ.
وقال أشهب في الزبل المشترى فيه أعذر من البائع وأما العذرة فلا خير فيها. وقال في كتاب محمد في العذرة بيعها للاضطرار: والعذر جائز والمشترى أعذرهما انتهى. فقول أشهب هذا يفرق بين الاضطرار وغيره، وهذا على أن فاعل قال في كلام اللخمي أشهب، وكذا فهم المصنف وابن عبد السلام فنسباه له. وظاهر كلام ابن عرفة أنه لمحمد. وقال ابن الماجشون: بجواز بيع العذرة. وظاهر كلام ابن بشير والمصنف أنه قوله هو. ونقل ابن عرفة عن ابن محرز أنه رواه وسيأتي لفظه. فتحصل في بيع العذرة أربعة أقوال: المنع لمالك على