مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٥٥٠
حبيب: إذا وقع الرهن فاسدا بعد تمام البيع ولم يشترط في الرهن بيعا فلا يكون أولى به لأنه لم يخرج من يده بهذا الرهن شيئا. ويظهر أن هذا خلاف المدونة لأنه قال في الكتاب: أو قرض من بيع. وقد يكون معنى ما في الكتاب عندي على ما قدمناه أنه أخذه بثمن المبيع لأجل الرهن فيكون كالسلف سواء. وقد خرج من يده الانتفاع بنقد ثمنه وأخذه لأجل الرهن كما قال محمد فيمن أخذ بدين لم يحل إلى أبعد من أجله على أن يعطي حميلا أو رهنا أنه تسقط الحمالة ويرد الرهن إلى ربه إن أدرك قبل أن يدخل في الاجل الثاني لأنه إذا أدخل في الاجل الثاني فهو كسلف لم يحل فيه رهن مقبوض فالرهن به ثابت. ومعنى مسألة ابن حبيب أن الثمن كان مؤجلا فها هنا إذا فسخنا الرهن لزمه بحقه، ولم يكن أحق به إذا لم يخرج من يده شيئا لأجل الرهن، ولم يفسخ الاجل لأنه من بيع ولو كان هذا الشرط في عقد البيع لكان بيعا فاسدا اه‍. ثم لما أن تمم ابن يونس الكلام على مسألة المدونة هذه كما سنذكر كلامه إن شاء الله ذكر ما نقله عنه ابن غازي وزاد بعده تتمة للكلام السابق ما نصه: كمن قال إن جئتك بالثمن إلى سنة وإلا فالرهن لك بالثمن فهو أحق بالرهن. ابن يونس: جعل هذا بيعا صحيحا وهو لا يدري ما يصح له في ثمن سلعته الثمن الذي باعها به أو الرهن، وهذا بيع فاسد إلا أن يكون بعد تمام البيع كما بينا اه‍. وقال في الذخيرة.
فرع: قال ابن يونس: وإذا رهنه في بيع فاسد رهنا صحيحا أو فاسدا فقبضه فهو أحق به من الغرماء لوقوع البيع عليه اه‍. وقال الرجراجي: إذا كانت المعاملة صحيحة والرهن فاسدا مثل أن يقع البيع أو السلف على وجه الصحة واللزوم إلى أجل، ثم يرهنه به رهنا على أنه إن مضت السنة خرج من الرهن، فهل يكون أحق بالرهن من الغرماء وهو ظاهر المدونة، والثاني لا يكون أحق به من الغرماء لأنه لم يخرج بالرهن من يده شيئا وهو قول ابن حبيب؟ والأول أصح. وإذا كانت المعاملة فاسدة والرهن صحيح مثل أن يقع البيع على نعت الفساد بثمن إلى أجل فيرهنه بالثمن رهنا صحيحا إلى ذلك الاجل، فإن البيع مفسوخ وترد السلعة مع القيام ويرد الرهن إلى الراهن، فإن فاتت السلعة بما يفوت به البيع الفاسد فإن المرتهن أحق بالرهن من الغرماء حتى يقبض القيمة قولا واحدا اه‍. فعلم من هذا أن المؤلف رحمه الله إنما تبع ابن شاس وأن كلامه مخالف للمدونة ولجميع ما تقدم نقله.
تنبيهات تتعلق بكلام المؤلف وبكلام المدونة المذكور: الأول: قد علم أن السلف الفاسد حكمه حكم البيع الفاسد.
الثاني: إذا قلنا إن الرهن لا يبطل في البيع الفاسد، فتارة يفسخ مع قيام السلعة قبل فواتها فهذا ظاهر، وتارة يفسخ في القيمة بعد فوات السلعة، وحينئذ إما أن تكون القيمة مساوية للثمن أو أقل أو أكثر، فمع التساوي الامر ظاهر، وإن كانت أقل فهل يكون الرهن
(٥٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 ... » »»
الفهرست