اختلاف الصورتين معرفة ما يصح للمرتهن الثاني ويكون أحق به من الغرماء إذا صح له القبض والحوز. ففي الوجه الأول يكون أحق بنصف الثوب من الغرماء، سواء كان النصف الباقي يفي بحق المرتهن الأول أو عجز عنه. وفي الوجه الثاني يكون المرتهن الثاني أحق بما ناب عن دين المرتهن الأول من قيمة الرهن، فإن كانت قيمته كفاف دين الأول أو أقل من دينه فهو أحق بجميع الرهن من الغرماء، ولا حق للمرتهن الثاني إذا ثبت ذلك. فلا يخلو من أن يكون الرهن على يده أو على يد عدل، فإن كان على يده فلا خلاف في الجواز، وإن كان المرتهن عين الرهن أو صفته وهو مما يزيد من قيمته على قدر الدين الأول إلا على مذهب من يرى أن رهن القدر لا يجوز فيمنع في رهن الصفة، لأن ذلك غزر قد يكون وقد لا يكون، فإن كان على يد عدل فيجري فيه من الخلاف ما نذكره في الوجه الثاني إن شاء الله.
فأما إذا رهنه من غير الأول فلا يخلو من أن يكون على يد عدل أو على يد المرتهن الأول، فإن كان على يد عدل فإن رضي بالحوز الثاني فالمذهب على قولين: أحدهما أن ذلك جائز رضي المرتهن الأول أو سخط. وهو قول أصبغ وهو ظاهر المدونة. والثاني أن ذلك لا يجوز إلا برضا الأول وهو قول مالك في كتاب محمد، وهو أضعف الأقوال إذ لا فائدة لرضاه. وأما إن كان الرهن على يد المرتهن الأول ففي المذهب ثلاثة أقوال: أحدها أن ذلك جائز رضي المرتهن الأول بذلك أم كره، وهو ظاهر قول مالك في كتاب الوصايا الثاني وغيره من كتاب المدونة. والثاني أن ذلك لا يجوز ولا يكون حوزه حوزا للثاني وإن رضي، لأن قبضه وحوزه أولا إنما كان لنفسه لا لغيره. وهو رواية ابن المواز عن ابن القاسم في كتابه، ورواه أبو القاسم بن الجلاب أيضا. والثالث التفصيل بين أن يرضى المرتهن الأول بالحوز الثاني فيجوز، وإن لم يرض فلا يجوز، وهو نص قول مالك في كتاب الرهن وذهب بعض المتأخرين إلى أن ذلك اختلاف أحوال، وإن معنى الجواز عنده إذا كان أجل الدينين سواء أو كان الأخير أبعد طولا فلذلك يجوز وإن لم يرض الأول، وإن كان الثاني أقرب حلولا ودين الأول عوض من بيع ودخل الثاني على أن يقبض حقه إذا حل أجله لم يجز إلا برضا الأول، لأن الأول يقدر على تقديم حقه قبل أجله، وإن كان دين الأول عينا أو عرضا من قرض جاز إذا دخل على أن يعجل حقه إذا حل الدين الأول اه.
الثالث: قول المصنف: ورضي يغني عن قوله: وعلم الأول ص: (قسم إن أمكن)