مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٣٠٢
الامر والتبصر فيه. وإن كان موجبه ظهور عيب في المبيع أو استحقاق فهو خيار النقيصة ويسمى الخيار الحكمي. وقد يقال إما أن يكون موجب الخيار مصاحبا للعقد أو متقدما عليه، والأول هو التروي لأنه بشرط أحد المتبايعين حين العقد، والثاني خيار النقيصة لأن العيب الموجب للخيار هو القديم السابق على العقد.
وبدأ المصنف كغيره بالكلام على القسم الأول أعني خيار التروي وهو الذي ينصرف إليه بيع الخيار عند الاطلاق في عرف الفقهاء وهو كما قال ابن عرفة: بيع الخيار بيع وقف بته أولا على إمضاء يتوقع فيخرج ذو الخيار الحكمي. قال في التوضيح: وهو مستثنى من بيع الغرر للتردد في العقد لا يسمى في جانب من لا خيار له لأنه لا يدرى ما يؤل إليه الامر، لكن أجازه الشارع ليدخل من له الخيار على بصيرة بالثمن والمثمون ولينفي الغبن عن نفسه.
قال الشافعي: لولا الخبر عن رسول الله (ص) ما جاز الخيار لا في ثلاث ولا في غيرها انتهى.
ونحوه لابن عبد السلام ولكن قال بدل قول التوضيح: أجازه الشارع ولكن الشرع رخص فيه فجعله رخصة وهو أيضا مقتضى كلام التوضيح. ونقل ابن عرفة عن المازري في ذلك خلافا، ونصه المازري في كونه رخصة لاستثنائه من الغرر الذي فيه كون الثمن يختلف بالكثرة والقلة بحسب ألبت والخيار وهذا غير ظاهر، لأنه وإن كان الثمن يختلف بحسب ذلك المعقود عليه من ذلك معلوم فليس فيه عقد على ثمن لا يدري أيكثر أم يقل. ونبه المصنف بأداة الحصر على أن خيار التروي إنما يكون بالشرط أي بأن يشترطه أحد المتبايعين أو كلاهما لا بالمجلس كما يقوله ابن حبيب والشافعي وابن حنبل. قال ابن الحاجب: الخيار ترو ونقيصة. فالخيار بالشرط لا بالمجلس للفقهاء السبعة. ابن حبيب: هو بالمجلس لحديث الموطأ. ومعنى خيار المجلس أن يثبت الخيار للمتبايعين مدة جلوسهما معا حتى يفترقا. والحديث الذي أشار إليه هو ما رواه مالك في الموطأ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص): المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يفترقا إلا بيع الخيار ومثله في البخاري ومسلم. ونسب ابن الحاجب الحديث للموطأ لينبه على أنه لا ينبغي أن يقال إن مالكا لم يبلغه الحديث بل علمه ورواه ونبه على أنه إنما ترك العمل به لما هو أرجح عنده فقد قال عقبه في الموطأ: وليس لها حد معروف ولا أمر معمول به. قال ابن العربي: يريد أن فرقتهما ليس لها وقت معلوم قال: وهذه جهالة يقف البيع عليها فيكون كبيع الملامسة والمنابذة وكالبيع إلى أجل مجهول فيكون بيعا فاسدا ولهذا عدل عن ظاهر الحديث الفقهاء السبعة وغيرهم من السلف وأبو حنيفة.
تنبيه: ذكر صاحب الاكمال والمازري أن ابن المسيب يقول بخيار المجلس وهو من الفقهاء السبعة فينبغي أن يستثنى ولهذا قال في الشامل: كالفقهاء السبعة. وقيل: إلا ابن
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»
الفهرست