مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٢٨٩
أنه أسلفه ذلك المقوم ينتفع به ثم يرده ويعطيه ثمانية ويأخذ عنها عشرة، وقد تقدم أن مثله كغيره. فالجواب أن هذه المسألة لم يقصد المتبايعان نقض البيعة الأولى بل أبقياها واستأنفا بيعة ثانية لا تعلق لها بالأولى، فوجب بقاء كل منهما على حالها. فأما في مسألة الفرس فكأنهما قصدا نقض البيعة الأولى فوجب أن ينظر إلى مخرج من اليد وعاد إليها كما في بياعات الاجل بل أولى لأن قصارى الامر في مسائل الآجال أن نتهمهما على نقض البيعة الأولى وهنا قد صرح بذلك فتأمله والله أعلم. وذكر ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح في الكلام على أن مثل المقوم ليس كعينه والله أعلم. وقوله: كما لو استرده الخ أي وكذلك يمتنع أيضا إذا استرد الفرس نفسه مع خمسة أثواب من العشرة وأبرأ ذمته من الخمسة الأولى ولكن إنما يمتنع إذا كانت الخمسة الأثواب معجلة أو مؤخرة إلى أجل دون الاجل أو إلى أبعد من الاجل، وأما إذا أبقاها إلى الاجل فيجوز وإليه أشار بقوله: إلا أن تبقى الخمسة إلى أجلها. ثم بين علة المنع فقال: لأن المعجل لما في الذمة أو المؤخر مسلف يعني أنه إذا عجلها صار كأنه أسلفه إياها لأن المعجل لما في الذمة مسلف لما عجله لتقضيه من نفسه إذا حل الاجل فقد أسلفه خمسة أثواب ودفع له الفرس عوضا عن الخمسة الباقية وهذا بيع وسلف. وكذا إذا أجلها إلى أجل دون الاجل، وأما إذا أخرها إلى أبعد من الاجل فقد صار البائع الأول آخذا الفرس في خمسة أثواب وسلف المشتري الخمسة الأخرى، لأنه لما أخره بها عن الاجل الأول صار مسلفا له وهذا أقوى من الأول، لأن المعجل لما في الذمة اختلف فيه هل يد مسلفا أم لا؟ وأما المؤخر لما في الذمة خلاف أنه مسلف، وأما إذا أبقى الخمسة إلى أجلها فذلك جائز لانتفاء السلف حينئذ فقد علم أن الاستثناء في قوله:
إلا أن تبقى الخمسة لأجلها عائد لما بعد الكاف وكذا التعليل. وهذا الحكم جار فيما إذا أخذ بعض الأثواب وأخذ في البعض الآخر شيئا مخالفا فيمتنع إذا كان ما يأخذ من الأثواب معجلا أو مؤخرا لأبعد من الاجل، ويجوز إذا أبقى إلى الاجل نفسه، فإن قيل: لم لم تجعلوه إذ رد الفرس بمثابة ما إذا رد مثله وكأنه آل الامر إلى أنه أسلفه فرسا فرده وما يأخذ زيادة فإنه قد انتفع به والسلف لا يتعين فيه رد المثلي؟ فالجواب والله أعلم أن يقال: لما رجعت العين فكأنهما اشترطا ذلك فخرجا عن حقيقة السلف ويؤخذ هذا من كلامه في التوضيح في الكلام على أن مثل المثلي يقوم مقامه ص (وإن باع حمارا بعشرة لأجل ثم استرده ودينارا نقدا أو مؤجلا منع مطلقا إلا في جنس الثمن للأجل) ش: أي وإن باع حمارا بعشرة دنانير إلى أجل ثم استرده أي الحمار ودينارا نقدا يريد أو مثله من الفضة أو
(٢٨٩)
مفاتيح البحث: البيع (2)، المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست