فيه أحد النقدين أو كلاهما لأن سلعته رجعت إليه فإن كان الثمن الثاني نقدا فقد تأخر أحد النقدين، وإن كان مؤجلا فقد تأخر النقدان معا، وكذا لو عجل البعض وآخر البعض الآخر.
واستثنى المصنف ما إذا كان المعجل أكثر من قيمة المتأخر جدا لبعد التهمة حينئذ على الصرف المتأخر. قال في المدونة: إن بعته بثلاثين درهما إلى شهر يعني الثوب فلا تتبعه بدينار نقدا فيصير صرفا مؤخرا، ولو ابتعته بعشرين دينارا جاز لبعدكما من التهمة، وإن بعته بأربعين إلى شهر جاز أن تبتاعه بثلاثة دنانير لبيان فضلها، ولا يعجبني بدينارين وإن ساوياها في الصرف انتهى. ومنع أشهب ذلك مطلقا مبالغة للاحتياط للصرف. وقيل: يجوز إذا ساوى المعجل قيمة المؤخر. قال أبو الحسن الصغير: تحصيل المسألة إن كان النقدان إلى أجل لم يجز قولا واحدا، وكذا إن كان أحدهما نقدا والآخر مؤجلا والنقد أقل من صرف المؤخر، وإن كان مثله أو أكثر فقولان. قال أشهب: لا يجوز مطلقا، ومذهب ابن القاسم في الكتاب أنه كان مثل المؤخر أو أكثر بشئ قليل إن لم يجز، وإن كان أكثر بشئ كثير جاز. ومفهوم قوله: بعشرين دينارا أنه لو كان أقل من عشرين لم يبعدا عن التهمة وليس كذلك بل يبعدان بخمسة عشر وبعشرة انتهى. قلت: بل وبأقل من ذلك كما يفهم من آخر كلامه في المدونة.
قال أبو الحسن: وقوله: لبيان فضلها لأن أربعين درهما صرف دينارين ويبقى دينار وهذا على ما جرت به عادته في الكتاب أن صرف الدينار عشرون درهما ص: (وبسكتين إلى أجل كشرائه لأجل بمحمدية ما باع بيزيدية) ش: قد تقدم أن الكلام أولا فيما إذا اتفق الثمنان من كل وجه، ثم ذكر هنا ما إذا اختلفا في السكة فذكر أنه إن تأجل الثمنان منع مطلقا وذلك شامل لثمان عشرة صورة، لأن الثمن الثاني إما مؤجل لأجل دون الاجل، أو للأجل نفسه أو لأبعد. إما بمثل الثمن أو أقل أو أكثر من ضرب ثلاث في ثلاث بتسع، ثم لا يخلو إما أن تكون السكة الثانية أجود من الأولى أو أردت. ثم مثل بصورة من ذلك يتوهم فيها الجواز من وجهين بل من ثلاث وهي ما إذا باعه السلعة مثلا بعشرة دراهم يزيدية ثم اشتراها بعشرة محمدية إلى الاجل نفسه فيتوهم الجواز فيه من اتفاق الثمنين في العدد وفي الاجل ومن كون المحمدية أجود من اليزيدية. قال ابن غازي: وهو عكس ما فرضه من المدونة إذ قال: وإن بعت ثوبا بعشرة دراهم محمدية إلى شهر فلا تبتعه بعشرة يزيدية إلى ذلك الشهر.