مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٣٩
تنبيه: قوله: الصلاة على وقتها كذا وقع في بعض روايات الصحيحين وفي بعضها:
لوقتها وإيراد النووي له في باب فضيلة أول الوقت يدل على أنه فهم منه الدلالة على ذلك، وهكذا قال فيه ابن بطال أن فيه البدار إلى الصلاة في أول وقتها أفضل من التراخي لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب. قال ابن حجر: في أخذ ذلك من اللفظ المذكور نظر. قال ابن دقيق العيد: ليس في هذا اللفظ ما يقتضي أولا ولا آخر انتهى. وقال النووي في شرح مسلم: في هذا الحديث الحث على المحافظة على الصلاة وفي وقتها، ويمكن أن يؤخذ منه استحبابها في أول الوقت لكونه احتياطا ومبادرة إلى تحصيلها انتهى.
فائدة: زاد إبراهيم بن عبد الملك في حديث الثاني: وفي وسطه رحمه الله قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الشافعي: وقال التميمي في الترغيب والترهيب: ذكر وسط الوقت لا أعرفه إلا في هذه الرواية. قال: ويروى عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أنه قال: لما سمع هذا الحديث: رضوان الله أحب إلينا من عفوه انتهى.
قلت: ما ذكره عن الصديق رضي الله تعالى عنه ذكره القاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة وجزم به وقال: وقوله: وآخره عفو الله يريد به التوسعة لا على معنى العفو عن الذنب لاجماعنا على أن مؤخرها إلى آخر الوقت لا يلحقه إثم ولا ينسب إلى التقصير في واجب انتهى.
وقال الدميري: قال الشافعي رضوان الله: إنما يكون للمحسنين والعفو يشبه أن يكون للمقصرين.
فائدة: قال أبو حنيفة: الاسفار بالصبح أفضل لحديث رافع بن خديج: أسفروا بالفجر فإنه أعظم للاجر رواه أصحاب السنن. ورواه الطبراني وابن حبان بلفظ: فكلما أسفر تم بالصبح فإنه أعظم للاجر. قال القاضي عبد الوهاب: والجواب أن الاسفار إسفاران والمراد الأول منهما انتهى. وفي التنبيهات نحوه، والمعنى صلوها حين يتضح طلوع الفجر ولا يشك فيه. قال المازري في شرح التلقين: وقد يعترض هذا بأن الشك في الفجر لا تصح الصلاة معه فلا أجر فيها حتى يقال: إن غيرها أعظم منها أجرا. والجواب عن هذا أنا أم نرد حالة التباسه على جميع الناس وإنما أردنا أن وضوح الفجر يتفاوت، فأمر المصلي بإيقاع الصلاة في الوضوح التام والبيان الجلي الذي لا يتصور فيه وقوع التباس ولا يشك فيه والله أعلم. وليس هذا خاصا بالصبح. قال في رسم شك من سماع ابن القاسم: سئل مالك عن المسافر إذا زالت الشمس، أترى أن يصلي الظهر؟ قال: أحب إلي أن يؤخر ذلك قليلا. قال ابن رشد: استحب مالك أن تؤخر قليلا لوجهين: أحدهما: أن المبادرة بالصلاة في أول الوقت من فعل الخوارج الذين يعتقدون أن تأخير الصلاة عن أول وقتها لا يجوز. الثاني: أن يستيقن دخول الوقت ويتمكن
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست