والسلام كان يقول: غفرانك. وروي أنه كان يقول الحمد لله الذي سوغنيه طيبا وأخرجه عني خبيثا قاله في العارضة قال: وبذلك سمي نوحا عبدا شكورا. وقال في الطراز: كان إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني وربما قال: غفرانك. رواه أبو داود. وقال في الرسالة: وعند الجلاء الحمد لله الذي رزقني لذته وأخرج عني مشقته وأبقى في جسمي قوته. وقوله غفرانك بالنصب أي أسألك غفرانك أو اغفر غفرانك.
واستحب بعض الشافعية تكرار غفرانك مرتين. ووجه سؤال المغفرة هنا قال ابن العربي:
هو العجز عن شكر النعمة في تيسير الغذاء وإيصال منفعته وإخراج فضلته. وقال غيره: إنما ذلك لتركه الذكر حال الخلاء فإنه (ص) كان لا يترك الذكر إلا غلبة فرآه تقصيرا. قال صاحب الطراز: وفيه نظر لأنه إذا كان منهيا عن الذكر في تلك الحال فإنه يثاب بتركه، وهذا مما وجب الحمد عليه لا الاستغفار منه. وانظر في الأول أيضا بأن نعم الله لا تحصى فكان يجب أن يستغفر متى أتته نعمة قال: وإنما الوجه أنه عليه الصلاة والسلام كان يكثر الاستغفار حتى إنه ليعد له في المجلس الواحد مائة مرة فجرى على عادته لان من كان دأبه الاستغفار تجده عند حركاته وتقلباته يستغفر الله تعالى. وأما ما ورد قبله فهو ما ورد في الصحيحين وغيرهما أنه (ص) كان إذا دخل الخلاء يقول: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث والخلاء - بفتح الخاء والمد - المكان الذي ليس فيه أحد، ثم نقل إلى موضع قضاء الحاجة كما سيأتي.
وبالقصر: الرطب من الحشيش. وخلا أيضا حرف استثناء وفعل استثناء. والخلاء - بكسر الخاء والمد - في النوق كالحرن في الخيل. وفي رواية: إذا أراد أن يدخل الخلاء وفي أخرى: إذا دخل الكنيف. والخبث بضم الباء جمع خبيث والخبائث جمع خبيثة يريد ذكر أن الشياطين وإناثهم. ويروى بسكون الباء قال الطيبي في شرح المشكاة: ويراد به الكفر، وبالخبائث الشياطين انتهى. وقال الخطابي: عامة أهل الحديث يسكنون الباء وهو غلط، والصواب ضمها نقله في الطراز. وقال النووي: ولا يصح قول من أنكر الاسكان. وذكر عن ابن التين والطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من